الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن اكترى دارا ثم أكراها لثان فهدمها]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن اكترى دارا ثم أكراها فهدمها الثاني: فضمان ذلك على مكتريها الثاني دون الأول. ولم يذكر صفة الضمان ولا الحكم في الكراء.

                                                                                                                                                                                        وكذلك إذا اكترى دارا فهدمها ولم يكرها، فيختلف في صفة الضمان وسقوط الكراء. وإن هدمها المكتري، كان صاحب الدار بالخيار بين أن يضمنه قيمتها على أنه لا كراء فيها ويفسخ الكراء، أو يغرمه قيمتها على أنها مستثناة المنافع سنة إذا كان الكراء سنة ويكون له الكراء.

                                                                                                                                                                                        وإن هدمها صاحبها، كان المكتري بالخيار بين أن يفسخ عن نفسه الكراء، أو يأخذ فضل قيمة الكراء إن كان أكثر من المسمى. وإن هدمها أجنبي سقط مقال المكتري في ذلك الكراء; لأن المنافع في ضمان بائعها -وهو المكري- حتى يقبضها المكتري، ويكون صاحب الدار بالخيار بين أن [ ص: 5057 ] يغرم الهادم قيمتها على ألا كراء فيها، أو يغرمه قيمتها مستثناة المنافع سنة ويأخذه بالمسمى الذي أكرى به; لأنه دين كان له على المكتري أبطله بهدمه لتلك الدار.

                                                                                                                                                                                        فأما إن أكراها المكتري ثم هدمت، فإنه لا يخلو هدمها من أربعة أوجه: إما أن يكون ذلك من صاحبها، أو من المكتري الأول، أو الثاني، أو أجنبي. فإن هدمها صاحبها بدئ بالمكتري الآخر، فإن رضي بفسخ الكراء عن نفسه، كان المقال بين المكتري الأول وصاحب الدار، وهو بالخيار في ثلاثة أوجه: بين أن يفسخ عن نفسه الكراء، أو يأخذ منه فضل قيمة الكراء على المسمى إن كانت القيمة أكثر، أو يأخذ منه فضل ما أكرى به من الآخر على المسمى إن كان هو أكثرهما; لأنه أبطله عليهم بهدم الدار.

                                                                                                                                                                                        وإن هدمها المكتري الأول، كان ربها بالخيار، إن شاء أغرمه قيمتها الآن على أنه لا كراء فيها وينفسخ الكراء، وإن شاء أغرمه قيمتها على أنها لا تقبض وعلى أنها تقبض إلى سنة ويأخذ منه الكراء، ثم يعود المقال بين المكتريين فيكون للمكتري الآخر أن يرجع على من أكرى منه بفضل قيمة الكراء إن كانت القيمة أكثر من المسمى، أو يفسخ عن نفسه الكراء إن كان المسمى أكثر.

                                                                                                                                                                                        وإن هدمها المكتري الآخر، كان لربها أن يغرمه قيمتها بتلا على ألا كراء فيها، وإن شاء قيمتها على أنها تقبض إلى سنة ويغرمه مع ذلك ما اكترى به من المكتري الأول; لأنه دين له أبطله بهدمه الدار، وللمكتري الأول أن يرجع على [ ص: 5058 ] الثاني بقيمة فضل الكراء إن كان فيه فضل.

                                                                                                                                                                                        وإن هدمها أجنبي، كان المقال بين صاحب الدار والهادم، وهو بالخيار بين أن يغرمه قيمتها بتلا، أو على أنها لا تقبض إلا إلى سنة ويأخذ منه ما كان أكريت به حسبما تقدم وينفسخ الكراء، ولا مقال لواحد من المكتريين على صاحبه. [ ص: 5059 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية