الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن اكترى دارا فأوقد فيها نارا فاحترقت أو هدمها أو أكراها من غيره فهدمها

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن اكترى دارا وشرط عليه ألا يوقد فيها نارا فأوقد نارا لخبزه أو لطبخه فاحترقت: فهو ضامن. وإن لم يشترط ذلك واتخذ تنورا فاحترقت الدار ودور الجيران، قال: إن فعل من ذلك ما يجوز أن يفعله، فلا ضمان عليه.

                                                                                                                                                                                        يريد: إن كانت العادة نصب التنور في مثل تلك الدار وأوقد على وجه المعتاد، لم يضمن. وإن كان لا ينصب فيها مثل ذلك، أو زاد في الوقيد; ضمن.

                                                                                                                                                                                        وإن لم يعلم هل زاد على المعتاد أم لا؟ كان فيها قولان:

                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنه لا ضمان عليه، ومحمله على أنه فعل ذلك على الوجه الجائز حتى يثبت غيره; لأنه لا يتهم أن يتعمد إلى إحراق بيته.

                                                                                                                                                                                        والثاني: أنه ضامن حتى يثبت أنه فعل ذلك على الوجه الجائز، وأنه لم يفرط; لأنه الغالب أن ذلك لا يكون إلا عن زيادة في الوقيد وعن إهمال في التحفظ، قياسا على الصانع والمرتهن يحترق بيته، وقد اختلف فيهما. [ ص: 5056 ]

                                                                                                                                                                                        وإن اشترط عليه ألا يوقد نارا فأوقدها فاحترقت الدار وغيرها، ضمن الدار المكتراة خاصة إذا كان الوقيد على صفة لو أذن صاحب الدار المكتراة فيه لم يكن لمن يليه في ذلك مقال; لأن التعدي عليه هو من حقه، وإن كان على صفة يكون لجاره منعه، ضمن جميع ما احترق.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية