الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن اكترى أرضا سنين فانقضت وفي الأرض غرس]

                                                                                                                                                                                        وإن انقضت السنون وفي الأرض غرس فاكتراه المكتري الأول عشر سنين أخرى على أن تكون الشجر بعد هذه العشر سنين لصاحب الأرض، لم يجز، وإن نزل ذلك ولم ينظر فيه إلا بعد السنة والسنتين وقد تغيرت الشجر، لم يكن فوتا، ونقض الأمد فيها; لأنه أبقاها على ملكه ما بينه وبين الأجل، ولم يمكن من التمادي إلى بقية الأجل; لأنه كراء فاسد.

                                                                                                                                                                                        وإن أحب صاحب الأرض أن يأخذها الآن بقيمتها مقلوعة، كان ذلك له؛ لأنه غرسها لتقلع بعد الأجل، بخلاف الغراسة الفاسدة إذا غرس على أنها لصاحب الأرض بعد الأجل فتؤخذ الآن بقيمتها قائمة; لأنه لم يدخل على أن يقلع، وهذا غرس على أن يقلع إذا انقضى الأجل، فإذا أعطى قيمتها مقلوعة لم يظلم بشيء، وكذلك لو قال: أكريك عشر سنين على أن نصف الشجر لي ونصفها لك بعد العشر سنين. فإن قال: على أن لك نصفها من الآن، جاز عند ابن القاسم. وقال غيره: لا يجوز وهو فسخ الدين في الدين. [ ص: 5102 ]

                                                                                                                                                                                        يريد: أنه يمكن أن يكون قد اختار أن يأخذها بقيمتها مقلوعة ثم انتقل إلى أن يدفع عن القيمة منافع الأرض. وأرى أن يوكل ذلك إلى أمانته ويعلم أنه متى اختار أن يأخذها بالقيمة لم يجز أن يدفع عن ذلك منافع الأرض.

                                                                                                                                                                                        ويجوز على قول أشهب أن ينتقل إلى دفع المنافع; لأنه يجيز أن تؤخذ منافع من دين.

                                                                                                                                                                                        والجواب على تسليم القول بفساده، أن يفسخ البيع في ذلك النصف إذا كان معينا ما لم يتغير، فيمضي بالقيمة يوم تراضيا بالعقد الثاني; لأنه مقبوض في أرضه. ولو قال: على أن لك نصفه من الآن شائعا ولا تقاسمني حتى ينقضي الأجل فتغير بعد ذلك لم يكن فوتا؛ لأنه غير ممكن منه. وقيل: ذلك فوت وإن كان فيه تحجير، وأما النصف الآخر فهو باق على ملك صاحبه. [ ص: 5103 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية