الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في حبس المكرى المعين الأيام القريبة أو البعيدة]

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم: فإن حبس الثوب للوثيقة كان الضمان من البائع، إلا أن تشهد بينة على تلفه.

                                                                                                                                                                                        وقال غيره: إن اشترط البائع الدفع بعد يوم أو يومين للباس الثوب أو ركوب الدابة فتلف; كان للمشتري؛ لأنه كأنه قبضه وحازه.

                                                                                                                                                                                        فتكلم ابن القاسم إذا حبس للوثيقة وجعله كالمحبوس بالثمن، فلا يصدق في ضياعه.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا شهد على ضياعه، هل تكون مصيبته من البائع أو من المشتري؟ وتكلم غيره على ما استثنيت منافعه خاصة ومكن المشتري من [ ص: 5141 ] الرقاب، فكان القول قوله في ضياعه; لأن حكم البيع سقط ويبقى على حكم الأمانة.

                                                                                                                                                                                        وإن حبس للوثيقة ولمنافع استثنيت منه، لم يصدق في دعوى الضياع; لأن حق البائع بقي في الرقاب; لأنه حبسها للوثيقة، وإن حبس مع ذلك للمنافع.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا شهدت البينة على الضياع وحكمه حكم من كان محبوسا للوثيقة خاصة; لأنه وإن كان محبوسا للمنافع، وأنها باقية على ملك البائع، فإن الرقاب غير ممكن منها لما حبسها للوثيقة.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا شرط حبسه إلى يوم أو يومين لغير وثيقة ولا لمنفعة استثناها، هل يوفى بالشرط؟ فقال ابن القاسم: لا يعجبني ذلك، ولا أفسد به البيع. ولم يتكلم على الوفاء بالشرط.

                                                                                                                                                                                        وقال فيمن أكرى بيته وشرط على المكتري ألا يسكن معه غيره فتزوج أو اشترى رقيقا: لم يمنع إذا كان ذلك لا يضر بالمسكن. فلم ير أن يوفى بذلك الشرط إذا كان لا ينتفع به.

                                                                                                                                                                                        فعلى هذا [ ص: 5142 ] يكون للمشتري قبض المبيع، ولا يوفى ببقائه حتى توفى تلك الأيام.

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن صرف دينارا من رجل، وكان لمشتري الدينار على بائعه دراهم مثلها وشرط ألا يحبسها منها، هل يوفى له بشرطه؟

                                                                                                                                                                                        وأرى أن يوفى للبائع بشرطه; لأنه شرط ليس بفاسد، والبائع أعلم بالوجه الذي لأجله شرط ذلك.

                                                                                                                                                                                        وإن أكرى إلى مكة بطعام معين، ولم يشترط نقده ولا تأخيره، كان الكراء فاسدا على قول ابن القاسم، وعلى قول ابن حبيب يكون جائزا، وينتقده المكتري.

                                                                                                                                                                                        وإن كان الكراء بطعام مضمون وضربا أجلا، جاز. فإن كان محل الأجل قبل الوصول، وكل المكتري من يقضي عنه إذا حل الأجل، وإن كان حلوله قبل وصوله، وكذلك إذا كان الأجل عند الوصول أو بعده وقبل أمد رجوعه، فعلى المكتري أن يوكل من يدفع عنه إذا حل الأجل، وإن لم يعلم هل سلمت ووصلت أم لا؟

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية