الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في ضمان الرهن

                                                                                                                                                                                        الرهن على ضربين: مضمون، وغير مضمون.

                                                                                                                                                                                        فالمضمون: كل ما يغاب عليه وهو غير مستقل بنفسه، كالبسط والثياب والسلاح وما أشبه ذلك.

                                                                                                                                                                                        وغير المضمون أربعة:

                                                                                                                                                                                        أحدها: أن يكون مما لا يغاب عليه ودخل على ألا يغيب عليه، وعلى أن يبقى في موضعه، كالثمار في رؤوس النخل والشجر والزرع القائم، أو ما كان في الجرين والأندر؛ لأن المرتهن يغيب عنه في الليل والنهار وهو موكل إلى أمانات الناس.

                                                                                                                                                                                        والثاني: ما يغاب عليه وهو مستقل بنفسه، وهو الحيوان على اختلاف أجناسه من: عبد وفرس وشاة وطير، فقوله مقبول أنه ذهب بنفسه مع إمكان أن يكون باع هذا أو ذبح الآخر وأكله، ويلزم على القول في عارية الحيوان أنه يضمن الرهن إذا كان حيوانا.

                                                                                                                                                                                        وأرى: أن يضمن كل ما استخف ذبحه وأكله.

                                                                                                                                                                                        والثالث: ما يبان به ولا يغاب عليه، كالسفن ترتهن وهي على ساحل البحر، وكبيرها وصغيرها سواء، وكذلك ما كان من آلاتها من صار أو [ ص: 5686 ] رجل أو مرسى إذا دخل على أن يبقى في موضعه على الساحل أو غيره، كما يصدق في الطعام في الجرين، وكذلك أعدال الكتان في قاعات الفنادق.

                                                                                                                                                                                        وإن كان طعاما وزيتا مختزنا في دار للراهن ، وكان مفتاحه بيده أو طبع عليه، كان في ضمان الراهن، وكذلك إن كان في دار غيره أو في مخزن في مثل هذه الفنادق، لم يضمنه وإن كان مفتاحه بيده، إلا أن يعلم أنه كان يتصرف إليه ويفتحه ، فإنه ينظر هل يشبه أن يكون أخذ مثل ذلك في تكرره إليه، وإن كان في مخزن المرتهن، لم يصدق في ضياعه.

                                                                                                                                                                                        والرابع: ما لا يبان به، وهو العقار على اختلاف أنواعه من: دار وحانوت وفندق وفرن وحمام وأرض عامرة أو غير عامرة، فهو مصدق إن نزل بشيء من ذلك فساد أنه من غير فعله، وإن تلف شيء من أبوابها أو أغلاقها وآلاتها، كان القول قوله أنه لم يجر في شيء من ذلك ويحلف إن كان ممن يتهم بمثل ذلك.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية