الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

551 - عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أتى حائضا ، أو امرأة في دبرها ، أو كاهنا ، فقد كفر بما أنزل على محمد " رواه الترمذي . وابن ماجه . والدارمي وفي روايتهما : " فصدقه بما يقول ; فقد كفر " .

وقال الترمذي : لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم عن أبي تميمة ، عن أبي هريرة

التالي السابق


الفصل الثاني

551 - ( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أتى حائضا " ) : أي : جامعها ، وهي تشمل المنكوحة والأمة وغيرهما ، وكذا قوله : ( أو امرأة في دبرها ) : مطلقا ; سواء كانت حائضا أو غيرها ( أو كاهنا ) : قال الطيبي : " أتى " لفظ مشترك هنا بين المجامعة وإتيان الكاهن . قلت : الأولى أن يكون التقدير : أو صدق كاهنا ; فيصير من قبيل :

علفتها تبنا وماء باردا

أو يقال : من أتى حائضا أو امرأة بالجماع أو كاهنا بالتصديق ( فقد كفر بما أنزل على محمد ) : أي : إن اعتقد حله ، وإنما لم يفصله ليكون أبلغ في الوعيد وأدعى إلى الزجر والتهديد . قال ابن الملك : يئول هذا الحديث بالمستحل والمصدق ، وإلا فيكون فاسقا ، فمعنى الكفر حينئذ كفران نعمة الله أو إطلاق اسم الكفر عليه ، لكونه من أفعال الكفرة الذين عادتهم عصيان الله تعالى ، والمراد بالكاهن من يخبر عما يكون في المستقبل ، أو بأشياء مكتوبة في الكتاب من أكاذيب الجن المسترقة من الملائكة من أحوال أهل الأرض من الأعمار ، والأرزاق والحوادث ، فيأتون الكهنة فيخلطون في كل حديث مائة كذبة ، فيخبرون الناس بها . وفي معناه من يتعاطى الرمل والضرب بنحو الحصى ، أو النظر في النجوم . قال الطيبي : وفي الحديث وعيد هائل حيث لم يكتف بكفر ، بل ضم إليه بما أنزل على محمد ، وصرح بالعلم تجريدا ، والمراد بالمتنزل الكتاب والسنة أي : من ارتكب هذه الهيئات فقد برئ من دين محمد عليه الصلاة والسلام ، وفي تخصيص دبر المرأة دلالة على أن إتيان الذكر أشد نكيرا ، وفي تأخير الكاهن عنها ترق من الأهون إلى الأغلظ .

وقال ابن حجر المكي : الكفر في الأول محمول على الاستحلال ، وفي الثاني بالنسبة إلى الحليلة الزوجة والأمة على كفران النعمة لشهرة الخلاف في ذلك ، فلم يوجد إجماع على تحريمه فضلا عن علمه بالضرورة ، وما كان كذلك لا يقال : إن استحلاله كفر ، على أن الحديث ضعيف ، وفي الثالث على اعتقاد أنه عالم الغيب ( رواه الترمذي ، وابن ماجه ، والدارمي ، وفي روايتهما ) : أي : الأخيرين ( فصدقه ) : أي : الكاهن ( بما يقول ، فقد كفر ) : وبه يقيد الأول فيخرج من أتاه ليظهر كذبه ، أو للاستهزاء بما هو عليه .

( وقال الترمذي : لا نعرف ) : بنون المتكلم معروفا ، وروي بالياء مجهولا ( هذا الحديث ) : منصوب أو مرفوع ( إلا من حكيم ) : بالتنوين ( الأثرم ، عن أبي تميمة ، عن أبي هريرة ) : قال السيد جمال الدين : وقد ضعفه البخاري من قبل إسناده .

[ ص: 496 ]



الخدمات العلمية