الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2272 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " من قعد مقعدا لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة ، ومن اضطجع مضجعا لا يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة " رواه أبو داود ) .

التالي السابق


2272 - ( وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : من قعد مقعدا ) : أي : مجلسا أو قعودا لم يذكر الله فيه ) : أي : في ذلك المجلس ، أو في ذلك الجلوس ( كانت ) : أي : القعدة ، وفي نسخة : كان أي : القعود ( عليه ) : أي : على القاعد ( من الله ) : أي : من جهة حكمه وأمره وقضائه وقدره ( ترة ) : بكسر التاء وتخفيف الراء أي : تبعة ومعاتبة ، أو نقصان وحسرة ، من وتره حقه : نقصه ، وهو سبب الحسرة ، ومنه قوله تعالى ولن يتركم أعمالكم والهاء عوض عن الواو المحذوفة مثل عدة ، وهو منصوب على الخبرية ، وفي نسخة بالرفع على أن الكون تام ( ومن اضطجع مضجعا ) : أي : مكان ضجعة وافتراش ( لا يذكر الله فيه كانت ) : أي : الاضطجاعة ، أو كان أي : الاضطجاع المذكور ، أو عدم ذكر الله ( عليه من الله ترة ) : بالوجهين .

قال الطيبي : كانت في الموضعين رويت على التأنيث في أبي داود وجامع الأصول ، وفي الحديثين اللذين يليانه على التذكير فيهما . أقول : فعلى رواية التأنيث في كانت ورفع ترة ينبغي أن يئول مرجع الضمير في كانت مؤنثا إلى القعدة ، أو الاضطجاعة ، فيكون ترة مبتدأ ، والجار والمجرور خبره ، والجملة خبر كان ، وأما على رواية التذكير ونصب ترة كما هو في المصابيح فظاهر ، والجار متعلق بترة ، ويؤيد هذه الرواية الأحاديث الآتية بعد اهـ . ويمكن أن يقال : تأنيث كان لتأنيث الخبر ، ثم المراد بذكر المكانين استيعاب الأمكنة كذكر الزمانين بكرة وعشيا لاستيعاب الأزمنة ، يعني : من فتر ساعة من الأزمنة ، وفي مكان من الأمكنة ، وفي حال من الأحوال من قيام وقعود ورقود ، كان عليه حسرة وندامة ، لأنه ضيع عظيم ثواب الذكر ، كما ورد : ليس يتحسر أهل الجنة إلا على ساعة مرت بهم ولم يذكروا الله فيها ، ثم في الحديث أتى " بلم " في الجملة الأولى ، وبلا في الجملة الثانية تفننا ، وكذا غاير بينهما في الحديثين الآتيين لذلك . قال الخطابي ، في قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : " لم تراعوا " معناه لا تخافوا ، والعرب توقع " لم " موقع " لا " ( رواه أبو داود ) .




الخدمات العلمية