فصل : وأما ، فمن علم أنه كثير المال ، مأمون العاقبة ، وافتدى نفسه بمال ، قبل منه الفداء ، وأطلقه عليه ، وكان المال المأخوذ منه غنيمة تقسم بين [ ص: 177 ] الغانمين ، ويكون الذي استأسره في فدائه وغيره من الغانمين سواء كما يكون الغانم للمال وغيره فيه سواء . الفداء بالمال
فإن قيل : فقد كان فداء أسرى بدر بأخذه من استأسرهم ، ولذلك أبي العاص بن الربيع ، وقد أسر يوم بدر ، وهو زوج - صلى الله عليه وسلم - وأنفذت في جملة فدائه قلادة كانت لها جهزتها بها زينب بنت رسول الله ، فلما أبصرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرفها ورق لها ، وقال : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا خديجة فلولا حقهم فيه لتفرد بالرد ، ولما سألهم ، فعنه ثلاثة أجوبة : سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في
أحدها : أنه قال ذلك : استطابة لقلوبهم وإن كان أمره فيه نافذا .
والثاني : أنه كان قبل أن يستقر حكم الأسرى والغنائم .
والثالث : أنه حق لجميعهم لا لواحد منهم فاستطاب نفوسهم فيه .
وأما : فهو لمن كان في أيدي قومه أسرى من المسلمين ، وهم مشفقون عليه من الأسرى ومفتدون له بمن في أيديهم ، فيفادي به من قدر عليه من أسرى المسلمين ، والأولى أن يأخذ به أكثر منه ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فادى كل رجل من المشركين برجلين من المسلمين ، فإن لم يقدر أن يفادي كل رجل إلا برجل جاز ، ولو دعته الضرورة أن يفادي رجلين من المشركين برجل من المسلمين فعل ، فهذا حكم الفداء . الفداء والأسرى