الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حفظ ]

                                                          حفظ : الحفيظ : من صفات الله عز وجل ، لا يعزب عن حفظه الأشياء كلها مثقال ذرة في السماوات والأرض ، وقد حفظ على خلقه وعباده ما يعملون من خير أو شر ، وقد حفظ السماوات والأرض بقدرته ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم . وفي التنزيل العزيز : بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ . قال أبو إسحاق : أي القرآن في لوح محفوظ ، وهو أم الكتاب عند الله عز وجل ، وقال : وقرئت محفوظ ، وهو من نعت قوله بل هو قرآن مجيد محفوظ في لوح . وقال عز وجل : فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ، وقرئ : خير حفظا نصب على التمييز ، ومن قرأ حافظا جاز أن يكون حالا وجاز أن يكون تمييزا . ابن سيده : الحفظ نقيض النسيان وهو التعاهد وقلة الغفلة . حفظ الشيء حفظا ، ورجل حافظ من قوم حفاظ وحفيظ عن اللحياني . وقد عدوه فقالوا : هو حفيظ علمك وعلم غيرك . وإنه لحافظ العين أي يغلبه النوم ; عن اللحياني وهو من ذلك لأن العين تحفظ صاحبها إذا لم يغلبها النوم . الأزهري : رجل حافظ وقوم حفاظ وهم الذين رزقوا حفظ ما سمعوا وقلما ينسون شيئا يعونه . غيره : والحافظ والحفيظ الموكل بالشيء يحفظه . يقال : فلان حفيظنا عليكم وحافظنا . والحفظة : الذين يحصون الأعمال ويكتبونها على بني آدم من الملائكة ، وهم الحافظون . وفي التنزيل : وإن عليكم لحافظين ولم يأت في القرآن مكسرا . وحفظ المال والسر حفظا : رعاه . وقوله تعالى : وجعلنا السماء سقفا محفوظا قال الزجاج : حفظه الله من الوقوع على الأرض إلا بإذنه ، وقيل : محفوظا بالكواكب كما قال تعالى : إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد . والاحتفاظ : خصوص الحفظ ; يقال : احتفظت بالشيء لنفسي ، ويقال : استحفظت فلانا مالا إذا سألته أن يحفظه لك ، واستحفظته سرا واستحفظه إياه : استرعاه . وفي التنزيل في أهل الكتاب : بما استحفظوا من كتاب الله أي استودعوه وأتمنوا عليه . واحتفظ الشيء لنفسه : خصها به . والتحفظ : قلة الغفلة في الأمور والكلام والتيقظ من السقطة كأنه على حذر من السقوط ; وأنشد ثعلب :


                                                          إني لأبغض عاشقا متحفظا لم تتهمه أعين وقلوب



                                                          والمحافظة : المواظبة على الأمر . وفي التنزيل العزيز : حافظوا على الصلوات أي صلوها في أوقاتها ، الأزهري : أي واظبوا على إقامتها في مواقيتها . ويقال : حافظ على الأمر والعمل وثابر عليه وحارص وبارك إذا داوم عليه . وحفظت الشيء حفظا أي حرسته ، وحفظته أيضا بمعنى استظهرته . والمحافظة : المراقبة . ويقال : إنه لذو حفاظ وذو محافظة إذا كانت له أنفة . والحفيظ : المحافظ ومنه قوله تعالى : وما أنا عليكم بحفيظ . ويقال : احتفظ بهذا الشيء أي احفظه . والتحفظ : التيقظ . وتحفظت الكتاب أي استظهرته شيئا بعد شيء . وحفظته الكتاب أي حملته على حفظه . واستحفظته : سألته أن يحفظه ، وحكى ابن بري عن القزاز قال : استحفظته الشيء جعلته عنده يحفظه ، يتعدى إلى مفعولين ، ومثله : كتبت الكتاب واستكتبته الكتاب . والمحافظة والحفاظ : الذب عن المحارم والمنع لها عند الحروب ، والاسم الحفيظة . والحفاظ : المحافظة على العهد والمحاماة على الحرم ومنعها من العدو . يقال : ذو حفيظة . وأهل الحفائظ : أهل الحفاظ وهم المحامون على عوراتهم الذابون عنها ; قال :


                                                          إنا أناس نلزم الحفاظا



                                                          وقيل : المحافظة الوفاء بالعقد والتمسك بالود . والحفيظة : الغضب لحرمة تنتهك من حرماتك أو جار ذي قرابة يظلم من ذويك أو عهد ينكث . والحفظة والحفيظة : الغضب ، والحفاظ كالحفظة ; وأنشد :


                                                          إنا أناس نمنع الحفاظا



                                                          وقال زهير في الحفيظة :


                                                          يسوسون أحلاما بعيدا أناتها     وإن غضبوا جاء الحفيظة والجد



                                                          والمحفظات : الأمور التي تحفظ الرجل أي تغضبه إذا وتر في حميمه أو في جيرانه ; قال القطامي :


                                                          أخوك الذي لا تملك الحس نفسه     وترفض ، عند المحفظات الكتائف



                                                          يقول : إذا استوحش الرجل من ذي قرابته فاضطغن عليه سخيمة لإساءة كانت منه إليه فأوحشته ، ثم رآه يضام زال عن قلبه ما احتقده عليه وغضب له فنصره وانتصر له من ظلمه . وحرم الرجل : محفظاته أيضا ، وقد أحفظه فاحتفظ أي أغضبه فغضب ; قال العجير السلولي :


                                                          بعيد من الشيء القليل احتفاظه     عليك ومنزور الرضا حين يغضب



                                                          ولا يكون الإحفاظ إلا بكلام قبيح من الذي تعرض له وإسماعه إياه ما يكره . الأزهري : والحفظة اسم من الاحتفاظ عندما يرى من حفيظة الرجل يقولون أحفظته حفظة ; وقال العجاج :


                                                          مع الجلا ولائح القتير [ ص: 168 ]     وحفظة أكنها ضميري



                                                          فسر : على غضبة أجنها قلبي ; وقال الآخر :


                                                          وما العفو إلا لامرئ ذي حفيظة     متى يعف عن ذنب امرئ السوء يلجج



                                                          وفي حديث حنين : أردت أن أحفظ الناس وأن يقاتلوا عن أهليهم وأموالهم أي أغضبهم من الحفيظة الغضب . وفي الحديث أيضا : فبدرت مني كلمة أحفظته أي أغضبته . وقولهم : إن الحفائظ تذهب الأحقاد أي إذا رأيت حميمك يظلم حميت له وإن كان عليه في قلبك حقد . النضر : الحافظ هو الطريق البين المستقيم الذي ينقطع ، فأما الطريق الذي يبين مرة ثم ينقطع أثره ويمحي فليس بحافظ . واحفاظت الجيفة : انتفخت ، قاله ابن سيده ورواه الأزهري أيضا عن الليث ثم قال الأزهري : هذا تصحيف منكر ، والصواب اجفأظت ، بالجيم ، وروي عن الفراء أنه قال : الجفيظ المقتول المنتفخ ، بالجيم ، قال : وهكذا قرأت في نوادر ابن بزرج له بخط أبي الهيثم الذي عرفته له : اجفأظت ، بالجيم ، والحاء تصحيف ، قال الأزهري : وقد ذكر الليث هذا الحرف في كتاب الجيم ، أيضا قال : فظننت أنه كان متحيرا فيه فذكره في موضعين .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية