الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غضا ]

                                                          غضا : غضوت على الشيء وعلى القذى وأغضيت : سكت ؛ وقول الطرماح :


                                                          غضي عن الفحشاء يقصر طرفه وإن هو لاقى غارة لم يهلل

                                                          لا يجوز أن يكون من غضا ، وأن يكون من أغضى كقولهم عذاب أليم وضرب وجيع ، والأول أجود . والإغضاء : إدناء الجفون . وغضى الرجل وأغضى : أطبق جفنيه على حدقته . وأغضى عينا على قذى : صبر على أذى . وأغضى عنه طرفه : سده أو صده ؛ أنشد ثعلب :


                                                          دفعت إليه رسل كوماء جلدة     وأغضيت عنه الطرف حتى تضلعا

                                                          وقول الشاعر :


                                                          كعتيق الطير يغضي ويجل

                                                          يعني يغضي الجفون مرة ويجلي مرة ؛ وقال الآخر :


                                                          لم يغض في الحرب على قذاكا

                                                          قال ابن بري : أغضيت يتعدى ولا يتعدى ؛ فمثاله متعديا قول الشاعر :


                                                          فما أسلمتنا عند يوم كريهة     ولا نحن أغضينا الجفون على وتر

                                                          ومنه ما يحكى عن علي رضي الله عنه :

                                                          فكم أغضي الجفون على القذى     وأسحب ذيلي على الأذى
                                                          وأقول لعل وعسى

                                                          ؛ ومثاله غير متعد قول الآخر :


                                                          يغضي حياء ويغضى من مهابته     فما يكلم إلا حين يبتسم

                                                          وتغاضيت عن فلان إذا تغابيت عنه وتغافلت . وليل غاض : غاط . وقال ابن بزرج : ليل مغض وغاض ، ومقام فاض ومفض ؛ وأنشد :


                                                          عنكم كراما بالمقام الفاضي

                                                          وغضى الليل غضوا وأغضى : ألبس كل شيء . وأغضى الليل : أظلم . وليل مغض : لغة قليلة ، وأكثر ما يقال : ليل غاض ؛ قال رؤبة :


                                                          يخرجن من أجواز ليل غاض     نضو قداح النابل النواضي
                                                          كأنما ينضخن بالخضخاض

                                                          الخضخاض : القطران ، يريد أنها عرقت من شدة السير فاسودت جلودها . وليلة غاضية : شديدة الظلمة . ونار غاضية : عظيمة مضيئة ، وهو من الأضداد . قال الأزهري : قوله نار غاضية عظيمة أخذ من نار الغضا ، وهو من أجود الوقود عند العرب . ورجل غاض : طاعم كاس مكفي ، وقد غضا يغضو . والغضا : شجر ؛ ومنه قول سحيم عبد بني الحسحاس :


                                                          كأن الثريا علقت فوق نحرها     وجمر غضى هبت له الريح داكيا

                                                          ومنه قولهم : ذئب غضى . والغضى : من نبات الرمل له هدب كهدب الأرطى ابن سيده : وقال ثعلب يكتب بالألف ولا أدري لم ذلك ، واحدته غضاة ؛ قال أبو حنيفة : وقد تكون الغضاة جمعا ؛ وأنشد :


                                                          لنا الجبلان من أزمان عاد     ومجتمع الألاءة والغضاة

                                                          ويقال لمنبتها : الغضيا . وأهل الغضا : أهل نجد لكثرته هنالك ؛ قالت أم خالد الخثعمية :


                                                          ليت سماكيا تطير ربابه     يقاد إلى أهل الغضا بزمام

                                                          وفيها :


                                                          رأيت لهم سيماء قوم كرهتهم     وأهل الغضى قوم علي كرام

                                                          أراد : كرهتهم لها أو بها . ابن السكيت : يقال للإبل الكثيرة غضيا ، مقصور ، قال : شبهت عندي بمنابت الغضى . وإبل غضوية : منسوبة إلى الغضى ؛ قال :


                                                          كيف ترى وقع طلاحياتها     بالغضويات على علاتها

                                                          وإبل غاضية وغواض وبعير غاض : يأكل الغضى ؛ قال ابن بري : ومنه قول الشاعر :


                                                          أبعير عض أنت ضخم رأسه     شثن المشافر أم بعير غاض

                                                          وبعير غض : يشتكي بطنه من أكل الغضى ، والجمع غضية وغضايا ، وقد غضيت غضى ، وإذا نسبته إلى الغضى قلت بعير غضوي . والرمث والغضى إذا باحتتهما الإبل ولم يكن لها عقبة من غيرهما يصيبها الداء فيقال : رمثت وغضيت ، فهي رمثة وغضية . وأرض غضيا : كثيرة الغضى . والغضياء ، ممدود : منبت الغضى ومجتمعه . والغضى : الخمر ؛ عن ثعلب ، والعرب تقول : أخبث الذئاب ذئب الغضى ، وإنما صار كذا ؛ لأنه لا يباشر الناس إلا إذا أراد أن يغير ، يعنون بالغضى هنا الخمر ، فيما ذكر ثعلب ، وقيل : الغضى هنا هذا الشجر ، ويزعمون أنه أخبث الشجر ذئابا . وذئاب الغضى : بنو كعب بن مالك بن حنظلة شبهوا بتلك الذئاب لخبثها . وغضيا ، معرفة مقصور : مائة من الإبل مثل هنيدة ، لا ينصرفان ؛ قال :


                                                          ومستبدل من بعد غضيا صريمة     فأحر به من طول فقر وأحريا

                                                          أراد : وأحرين ، فجعل النون ألفا ساكنة . أبو عمرو : الغضيانة من الإبل الكرام . وغضيان : موضع عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


                                                          فصبحت والشمس لم تقضب     عينا بغضيان ثجوج العنبب

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية