الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            المبحث الأول: تحريم التقليد، والدعوة إلى الاجتهاد

            المطلب الأول: ضبط مفهوم التقليد لقد كان ضبط مفهوم التقليد أول خطوة منهجية خطاها الإمام الشوكاني فـي بحث هـذا الموضـوع، وتكمن دقة هـذه الخطوة في اعتبارات أربعة:

            أولا: أن التعاريف الاصطلاحية للتقليد قد تعددت وتنوعت.

            ثانيا: أنه ترتب على هـذا التعدد والتنوع اختلاف بين العلماء في الأحكام المستنبطة والتصورات المصوغة في موضوع التقليد.

            ثالثا: أن عدم تحقيق وضبط مفهوم التقليد وتعدد تعريفاته الاصطلاحية أفرز إشكاليات منهجية بين علماء الأصول، من بينها: هـل قبول قول الرسول صلى الله عليه وسلم يسمى تقليدا، أم لا؟ وهل قبول قول غيره من الصحابة والتابعين يسمى تقليدا، أم لا؟ [1] وقد اختلفت الإجابة عن مثل هـذه التساؤلات بسبب الاختلاف في تحديد حقيقة التقليد.

            رابعا: أن المفهوم الذي حدده الشوكاني لمصطلح التقليد اتخذه ضابطا منهجيا في دراسته لكل مباحث التقليد. من هـنا جنب الإمام الشوكاني بضبطه لمفهوم مفردة التقليد نفسه الكثيـر من الاختلافات المنهجية. [ ص: 106 ]

            فبعدما ذكر الشوكاني التعاريف الاصطلاحية المختلفة للتقليد مثل: العمل بقول الغير من غير حجة. و: قبول القول من غير حجة تظهر على قولـه. وغيرها من التعريفات [2] ، انتقدها وعلق عليها، ثـم حرر تعريفه الاصطـلاحي للتقليد بقولـه: «هو قبول رأي من لا تقوم به الحجـة بلا حجة» [3] .

            وقد استخرج من قيود هـذا التعريف فوائد عديدة أهمها:

            - إخراج العمل بقول الرسـول صلى الله عليه وسلم ؛ لأن قـوله وفعلـه هـو نفسه حجة.

            - قبول رواية الراوي إن روى عمن تقوم به الحجة [4] .

            واستحضر هـاتين الفائدتين، واستثمرهما في بيان حقيقة التقليد، والتفريق بينه وبين بعض المصطلحات التي تستعمل على أنها مترادفات له مثل: الاقتداء، الاتباع، الاستصواب، الموافقة.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية