الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          أولا: الاستسلام لله رب العالمين

          الاستسلام لله رب العالمين معنى يكشف عن سر تسمية الدين الحق بـ: (الإسلام) ، ذلك أن هـذه التسمية تحوي في طياتها معاني: «الانقـياد، وإظهار الـخضوع» [1] ، والإخلاص وكمال الاتباع ... ولذا فما يقال: فلان مسلـم، إلا لأنه يحمل معنيين:

          أحدهما: أنه «الـمستسلم لأمر الله. والثانـي: أنه المخلص لله العبادة» [2] ،

          وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى : ( قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين ) (الزمر:11-12) . [ ص: 36 ] ولأن الأمر كله لله فإن المسلم المستسلم لربه كثيرا ما يردد في أول صلاته:

          ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) (الأنعام:162-163)

          [3] . من أجل ذلك كان الاستسلام والانقياد للأمر الشرعي من صفات المؤمنين في مقابل صفات المنافقين

          كما في قوله سبحانه وتعالى : ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هـم المفلحون ) (النور:51) .

          وبذلك تظهر منافاة الإسلام ومنهج المسلمين في التلقي لكل تصور فكري أو حركة عملية يظهر فيهما شائبة تمرد على إرادة الله سبحانه وتعالى الكونية القدرية، أو أمره الشرعي الواجب، إما منافاة كلية وإما منافاة جزئية بحسب الواقع.

          وينتج عن هـذا الأساس أساس آخر هـو: قداسة النص المعصوم (القرآني والنبوي الصحيح) ، فيكون للنص المعصوم تعظيمه وتقديسه، وهيبته، فلا يستحيي المسلم -بمقتضى ذلك- أن ينعت بأنه رجل (نص) ، أو أن مجتمعه (مجتمع نصي أو نصوصي) ، ولا يفر من التسليم للنص ببعض العبارات التي لا تنتمي للنص [4] ، ويكفي أن الرضا بأمر الله سبحانه وتعالى وقضاء [ ص: 37 ] رسوله صلى الله عليه وسلم ، وانتفاء شائبة الحرج الصدري هـو دليل وجود الإيمان لا غير،

          كما قال سبحانه وتعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) (النساء:65) .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية