الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
39- سيدنا ومولانا وشيخ شيوخنا " ابن غانم المقدسي الحنفي " نفعنا الله بعلمه :

هو علي بن محمد بن علي بن خليل بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن غانم بن علي بن حسن بن إبراهيم بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة سيد الخزرج الخزرجي السعدي العبادي المقدسي الأصل القاهري المولد والسكن ، الملقب نور الدين الحنفي، العالم الكبير الحجة الرحلة القدوة رأس الحنفية في عصره وإمام أئمة الدهر على الإطلاق ، وأحد أفراد العلم المجمع على جلالته وبراعته وتفوقه في كل فن من الفنون وبالجملة والتفصيل هو أعلم علماء هذا التاريخ وأكثرهم تبحرا وأجمعهم للفنون مع الولاية والورع والزهد والشهرة الطنانة التي سلم لها أهل عصره وأذعنوا لها ، قال صاحب خلاصة الأثر : إنه نشأ بمصر وحفظ القرآن الكريم وتلاه بالسبع على الشيخ الفقيه الورع الزاهد شهاب الدين أحمد بن الفقيه علي بن حسن المقدسي الحنبلي ، وأخذ عن قاضي القضاة محب الدين أبي الجود محمد بن إبراهيم السمديسي الحنفي ، قرأ عليه القراءات والفقه وسمع عليه كثيرا وعن قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز بن [ ص: 786 ] علي الفتوحي الحنبلي الشهير بابن النجار قرأ عليه الصحيحين وغيرهما من كتب الحديث وغيرها . ومن مشايخه المحققين شهاب الدين أحمد بن يونس الحلبي الشهير بابن الشلبي صاحب الفتاوى ، قرأ عليه الفقه وسمع عليه الحديث وغيره . ومنهم خاتمة المحققين الشيخ ناصر الدين الطبلاوي والشيخ الإمام ناصر الدين اللقاني المالكي والأستاذ العارف الكبير أبو الحسن البكري والشيخ الشهاب الرملي . ومنهم المسند الشيخ شمس الدين محمد بن شرف الدين السكندري يروي عنه الحديث المسلسل بالأولية والكتب الستة والقراءات وغير هؤلاء من الشيوخ الأجلاء الذين يضيق المقام بذكرهم هنا .

وأما من أخذ عنه فكثيرون . وولي المناصب الجليلة كإمامة الأشرفية ومشيختها وغيرها . وحج مرتين ورحل إلى القدس ثلاث مرات . وألف التآليف النافعة في الفقه وغيره ، منها : شرح نظم الكنز سماه الرمز ، وشرح الأشباه والنظائر ، وله الشمعة في أحكام الجمعة وغير ذلك من التصانيف، وقد ترجم له غير واحد من الثقات كما ذكر صاحب خلاصة الأثر منهم عبد الكريم بن سنان المنشي ومما قاله : وكان له من الزهد حظ وافر وقد رزق من العمر ما ألحق الأصاغر بالأكابر ، ولم يزل بنان قلمه يحل عقد المسائل ومورد فضله لكل سائل سائل إلى أن ختمت صفحات حسناته وجف من منهل العمر ماء حياته . . . إلخ .

ومنهم الحافظ المناوي ذكره في طبقات الأولياء وعدد العلوم التي ينسب إليه معرفتها وإتقانها ثم قال : وصار في آخر أمره حفيظا على المراقبة يقوم الليل في عبادة رب العالمين وينام النهار بعد التوقيع على أسئلة المسلمين، ويبر الفقراء ويتحيل على كتمان أمره ويفرق الذهب ويحافظ على ستره . وكان يجتمع بالفقراء ويحبهم ويحبونه ويعرفهم ويعرفونه ويكرمه الحاضر والبادي وكم له على أهل مصر من الأيادي إلخ .

قال صاحب خلاصة الأثر : قال النجم الغزي : وقرأت بخطه أن مولده في [ ص: 787 ] أوائل ذي القعدة الحرام عام عشرين وتسعمائة ثم رأيت بخط الشيخ عبد الغفار العجمي المقدسي أن ولادته كانت في سادس ذي القعدة الحرام من السنة المذكورة فهو بيان للأوائل وتوفي في ليلة السبت ثامن عشر من جمادى الآخر سنة 1004 هـ أربع بعد الألف من الهجرة ، وصلي عليه بالجامع الأزهر في محفل حافل ودفن بين القصرين من يوم السبت بتربة المجاورين قبلي مدفن السراج الهندي رحمه الله تعالى ورحمنا معه بفضله وكرمه آمين .

انتهى مختصرا من خلاصة الأثر الجزء الثالث ص (180 - 185) وانظر ترجمته فيها كاملة .

قلت : وهذا العلم من شيوخ شيوخنا ومن رجال إسنادنا في أكثر إجازاتنا وهو من رجال مشيخة الجامع الأحمدي بطنطا بمصر رضي الله عنه ونفعنا بعلمه وبرجال إسناده آمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية