الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن ذلك ( جاء وأتى ) فالأول : يقال في الجواهر والأعيان ، والثاني : في المعاني والأزمان ، ولهذا ورد ( جاء ) في قوله : ولمن جاء به حمل بعير [ يوسف : 72 ] وجاءوا على قميصه بدم كذب [ يوسف : 18 ] وجيء يومئذ بجهنم [ الفجر : 23 ] و ( أتى ) في : أتى أمر الله [ النحل : 1 ] أتاها أمرنا [ يونس : 24 ] .

وأما ( وجاء ربك ) [ الفجر : 22 ] أي : أمره ، فإن المراد به أهوال القيامة المشاهدة ، وكذا فإذا جاء أجلهم [ الأعراف : 34 ] ; لأن الأجل كالمشاهدة ، ولهذا عبر عنه بالحضور في قوله : حضر أحدكم الموت [ البقرة : 180 ] . ولهذا فرق بينهما في قوله : جئناك بما كانوا فيه يمترون وأتيناك بالحق [ الحجر : 63 - 64 ] ; لأن الأول العذاب وهو مشاهد مرئي ، بخلاف الحق .

وقال الراغب : الإتيان : مجيء بسهولة ، فهو أخص من مطلق المجيء ، قال : ومنه قيل : للسائل المار على وجهه : أتي وأتاوي .

ومن ذلك ( مد وأمد ) قال الراغب : أكثر ما جاء الإمداد في المحبوب ، نحو : وأمددناهم بفاكهة [ الطور : 22 ] . والمد في المكروه ، نحو : ونمد له من العذاب مدا [ مريم : 79 ] .

ومن ذلك ( سقى وأسقى ) فالأول : لما لا كلفة فيه ، ولهذا ذكر في شراب الجنة نحو : وسقاهم ربهم شرابا [ الإنسان : 21 ] . والثاني : لما فيه كلفة ، ولهذا ذكر في ماء الدنيا ، نحو : لأسقيناهم ماء غدقا [ الجن : 16 ] .

[ ص: 580 ] وقال الراغب : الإسقاء أبلغ من السقي ; لأن الإسقاء أن يجعل له ما يسقي منه ويشرب ، والسقي أن يعطيه ما يشرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية