الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (72) قوله تعالى: فادارأتم فيها : فعل وفاعل، والفاء للسببية؛ لأن التدارؤ كان مسببا عن القتل، ونسب القتل إلى الجميع وإن لم يصدر إلا من واحد أو اثنين كما قيل؛ لأنه وجد فيهم، وهو مجاز شائع.

                                                                                                                                                                                                                                      وأصل ادارأتم: تدارأتم تفاعلتم من الدرء وهو الدفع، فاجتمعت التاء مع الدال وهي مقاربتها فأريد الإدغام فقلبت التاء دالا وسكنت لأجل الإدغام، ولا يمكن الابتداء بساكن فاجتلبت همزة الوصل ليبتدأ بها فبقي ادارأتم، والأصل: "اددارأتم" فأدغم، وهذا مطرد في كل فعل على تفاعل أو تفعل فاؤه دال نحو: تداين [ ص: 435 ] واداين، وتدين وادين، أو ظاء أو طاء أو ضاد أو صاد نحو: تطاير واطاير، وتطير واطير، وتظاهر واظاهر، وتطهر واطهر، والمصدر على التفاعل أو التفعل نحو: تدارؤ وتطهر نظرا إلى الأصل، وهذا أصل نافع في جميع الأبواب فليتأمل.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: والله مخرج ما كنتم تكتمون "الله" رفع بالابتداء و"مخرج" خبره، وما موصولة منصوبة المحل باسم الفاعل، فإن قيل: اسم الفاعل لا يعمل بمعنى الماضي إلا محلى بالألف واللام، فالجواب أن هذه حكاية حال ماضية، واسم الفاعل فيها غير ماض، وهذا كقوله تعالى: وكلبهم باسط ذراعيه والكسائي يعمله مطلقا ويستدل بهذا ونحوه.

                                                                                                                                                                                                                                      و"ما" يجوز أن تكون موصولة اسمية، فلا بد من عائد، تقديره: مخرج الذي كنتم تكتمونه، ويجوز أن تكون مصدرية، والمصدر واقع موقع المفعول به أي مخرج مكتومكم، وهذه الجملة لا محل لها من الإعراب لأنها معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه، وهما: فادارأتم فقلنا اضربوه قاله الزمخشري .

                                                                                                                                                                                                                                      والضمير في "اضربوه" يعود على النفس لتأويلها بمعنى الشخص والإنسان، أو على القتيل المدلول عليه بقوله: والله مخرج ما كنتم تكتمون .

                                                                                                                                                                                                                                      والجملة من "اضربوه" في محل نصب بالقول.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية