الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  علي بن رباح اللخمي ، عن جبير بن مطعم .

                                                                  1609 - حدثنا المقدام بن داود المصري ، ثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار ، أنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عامر بن يحيى ، عن علي بن رباح ، حدثه ، عن جبير بن مطعم ، قال : كنت أكره أذى قريش ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما ظننت أنهم سيقتلوه ، خرجت ، حتى لحقت بدير من الديرات ، فذهب أهل الدير ، إلى رأسهم ، فأخبروه ، فقال : له حقه الذي ينبغي له ثلاثا ، فلما مرت ثلاث رأوه ، لم يذهب فانطلقوا إلى صاحبهم ، فأخبروه ، [ ص: 145 ] فقال : قولوا له قد أقمنا لك حقك الذي ينبغي لك ، فإن كنت وصيا ، فقد ذهب وصيتك ، وإن كنت واصلا ، فقد نالك أن تذهب إلى من تصل ، وإن كنت تاجرا ، فقد نالك أن تخرج إلى تجارتك ، فقال : ما كنت واصلا ، ولا تاجرا ، وما أنا بنصيب ، فذهبوا إليه ، فأخبروه ، فقال : إن له لشأنا ، فسلوه ما شأنه ، قال : فأتوه ، فسألوه ، فقال : لا ، والله إلا أني في قرية إبراهيم ، وابن عمي ، يزعم أنه نبي فآذوه قومه ، وتخوفت أن يقتلوه ، فخرجت لأن لا أشهد ذلك ، قال : فذهبوا إلى صاحبهم ، فأخبروه بقولي قال : هلموا ، فأتيته فقصصت عليه ، قصصي ، وقال : تخاف أن يقتلوه ؟ قلت : نعم قال : وتعرف شبهه لو تراه مصورا ؟ ، قلت : نعم ، عهدي به منذ قريب ، فأراه صورا مغطاة ، فجعل يكشف صورة صورة ، ثم يقول : أتعرف ؟ فأقول : لا ، حتى كشف صورة مغطاة ، فقلت : ما رأيت أشبه شيء من هذه الصورة به ، كأنه طوله ، وجسمه ، وبعد ما بين منكبيه ، قال : قال : فتخاف أن يقتلوه ؟ قال : أظنهم قد فرغوا منه ، قال : والله لا يقتلوه ، وليقتلن من يريد قتله ، وإنه لنبي ، وليظهرنه الله ، ولكن قد وجب حقه علينا ، فامكث ما بدا لك وادع بما شئت ، قال : فمكثت عندهم حينا ثم قلت : لو أطعتهم ، فقدمت مكة ، فوجدتهم قد أخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فلما قدمت ، قامت إلي قريش ، فقالوا : قد تبين لنا أمرك ، وعرفنا شأنك ، فهلم أموال الصبية التي عندك أستودعكها أبوك ؟ ، فقلت : ما كنت لأفعل هذا حتى تفرقوا بين رأسي ، وجسدي ، ولكن دعوني أذهب فأدفعها إليهم ، فقالوا : إن عليك عهد الله ، وميثاقه أن لا تأكل من طعامه قال : فقدمت المدينة ، وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر ، فدخلت عليه ، فقال لي فيما يقول : " إني لأراك جائعا ، هلموا طعاما " ، قلت : لا آكل حتى أخبرك ، فإن رأيت أن آكل أكلت ، قال : فحدثته بما أخذوا علي ، قال : " فأوف بعهد الله ، ولا تأكل من طعامنا ، ولا تشرب من شرابنا " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية