الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جذع ]

                                                          جذع : الجذع : الصغير السن . والجذع : اسم له في زمن ليس بسن تنبت ، ولا تسقط ، وتعاقبها أخرى . قال الأزهري : أما الجذع فإنه يختلف في أسنان الإبل والخيل والبقر والشاء ، وينبغي أن يفسر قول العرب فيه تفسيرا مشبعا لحاجة الناس إلى معرفته في أضاحيهم وصدقاتهم وغيرها ، فأما البعير فإنه يجذع لاستكماله أربعة أعوام ، ودخوله في السنة الخامسة ، وهو قبل ذلك حق ؛ والذكر جذع ، والأنثى جذعة ، وهي التي أوجبها النبي - صلى الله عليه وسلم - في صدقة الإبل إذا جاوزت ستين ، وليس في صدقات الإبل سن فوق الجذعة ، ولا يجزئ الجذع من الإبل في الأضاحي . وأما الجذع في الخيل فقال ابن الأعرابي : إذا استتم الفرس سنتين ودخل في الثالثة فهو جذع ، وإذا استتم الثالثة ودخل في الرابعة فهو ثني ، وأما الجذع من البقر فقال ابن الأعرابي : إذا طلع قرن العجل وقبض عليه ، فهو عضب ، ثم هو بعد ذلك جذع ، وبعده ثني ، وبعده رباع ، وقيل : لا يكون الجذع من البقر حتى يكون له سنتان ، وأول يوم من الثالثة ، ولا يجزئ الجذع من البقر في الأضاحي . وأما الجذع من الضأن فإنه يجزئ في الضحية ، وقد اختلفوا في وقت إجذاعه ، فقال أبو زيد : في أسنان الغنم المعزى خاصة ، إذا أتى عليها الحول ، فالذكر تيس والأنثى عنز ، ثم يكون جذعا في السنة الثانية ، والأنثى جذعة ، ثم ثنيا في الثالثة ، ثم رباعيا في الرابعة ، ولم يذكر الضأن . وقال ابن الأعرابي : الجذع من الغنم لسنة ، ومن الخيل [ ص: 104 ] لسنتين ، قال : والعناق يجذع لسنة ، وربما أجذعت العناق قبل تمام السنة للخصب ، فتسمن فيسرع إجذاعها ، فهي جذعة لسنة ، وثنية لتمام سنتين . وقال ابن الأعرابي في الجذع من الضأن : إن كان ابن شابين أجذع لستة أشهر إلى سبعة أشهر ، وإن كان ابن هرمين أجذع لثمانية أشهر إلى عشرة أشهر ، وقد فرق ابن الأعرابي بين المعزى والضأن في الإجذاع ، فجعل الضأن أسرع إجذاعا . قال الأزهري : وهذا إنما يكون مع خصب السنة ، وكثرة اللبن والعشب ، قال : وإنما يجزئ الجذع من الضأن في الأضاحي ؛ لأنه ينزو فيلقح ، قال : وهو أول ما يستطاع ركوبه ، وإذا كان من المعزى لم يلقح حتى يثني ، وقيل : الجذع من المعز لسنة ، ومن الضأن لثمانية أشهر أو تسعة . قال الليث : الجذع من الدواب والأنعام قبل أن يثني بسنة ، وهو أول ما يستطاع ركوبه والانتفاع به . وفي حديث الضحية : ضحينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجذع من الضأن والثني من المعز . وقيل لابنة الخس : هل يلقح الجذع ؟ قالت : لا ، ولا يدع ، والجمع جذع وجذعان وجذعان ، والأنثى جذعة وجذعات ، وقد أجذع ، والاسم الجذوعة ، وقيل : الجذوعة في الدواب والأنعام قبل أن يثني بسنة ، وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          إذا رأيت بازلا صار جذع فاحذر وإن لم تلق حتفا أن تقع



                                                          فسره فقال : معناه إذا رأيت الكبير يسفه سفه الصغير فاحذر أن يقع البلاء وينزل الحتف ، وقال غير ابن الأعرابي : معناه إذا رأيت الكبير قد تحاتت أسنانه فذهبت فإنه قد فني وقرب أجله فاحذر ، وإن لم تلق حتفا ، أن تصير مثله ، واعمل لنفسك قبل الموت ما دمت شابا . وقولهم : فلان في هذا الأمر جذع إذا كان أخذ فيه حديثا . وأعدت الأمر جذعا أي : جديدا كما بدأ . وفر الأمر جذعا أي : بدئ . وفر الأمر جذعا أي : أبدأه . وإذا طفئت حرب بين قوم فقال بعضهم : إن شئتم أعدناها جذعة ، أي : أول ما يبتدأ فيها . وتجاذع الرجل : أرى أنه جذع على المثل ؛ قال الأسود :


                                                          فإن أك مدلولا علي فإنني     أخو الحرب لا قحم ولا متجاذع



                                                          والدهر يسمى جذعا ؛ لأنه جديد . والأزلم الجذع : الدهر لجدته ؛ قال الأخطل :


                                                          يا بشر لو لم أكن منكم بمنزلة     ألقى علي يديه الأزلم الجذع



                                                          أي لولاكم لأهلكني الدهر . وقال ثعلب : الجذع من قولهم الأزلم الجذع كل يوم وليلة ؛ هكذا حكاه ، قال ابن سيده : ولا أدري وجهه ، وقيل : هو الأسد ، وهذا القول خطأ . قال ابن بري : قول من قال إن الأزلم الجذع الأسد ليس بشيء . ويقال : لا آتيك الأزلم الجذع أي : لا آتيك أبدا ؛ لأن الدهر أبدا جديد كأنه فتي لم يسن . وقول ورقة بن نوفل في حديث المبعث :


                                                          يا ليتني فيها جذع



                                                          يعني في نبوة سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي : ليتني أكون شابا حين تظهر نبوته حتى أبالغ في نصرته . والجذع : واحد جذوع النخلة ، وقيل : هو ساق النخلة ، والجمع أجذاع وجذوع ، وقيل : لا يبين لها جذع حتى يبين ساقها . وجذع الشيء يجذعه جذعا : عفسه ودلكه . وجذع الرجل يجذعه جذعا : حبسه ، وقد ورد بالدال المهملة ، وقد تقدم . والمجذوع : الذي يحبس على غير مرعى . وجذع الرجل عياله إذا حبس عنهم خيرا . والجذع : حبس الدابة على غير علف ؛ قال العجاج :


                                                          كأنه من طول جذع العفس     ورملان الخمس بعد الخمس
                                                          ينحت من أقطاره بفأس



                                                          وفي النوادر : جذعت بين البعيرين إذا قرنتهما في قرن أي : في حبل . وجذاع الرجل : قومه لا واحد له ؛ قال المخبل يهجو الزبرقان :


                                                          تمنى حصين أن يسود جذاعه     فأمسى حصين قد أذل وأقهرا



                                                          أي قد صار أصحابه أذلاء مقهورين ، ورواه الأصمعي : قد أذل وأقهرا ، فأقهرا في هذا لغة في قهر أو يكون أقهر وجد مقهورا . وخص أبو عبيد بالجذاع رهط الزبرقان . ويقال : ذهب القوم جذع مذع إذا تفرقوا في كل وجه . وجذيع : اسم . وجذع أيضا اسم . وفي المثل : خذ من جذع ما أعطاك ؛ وأصله أنه كان أعطى بعض الملوك سيفه رهنا فلم يأخذه منه ، وقال : اجعل هذا في كذا من أمك ، فضربه به فقتله . والجذاع : أحياء من بني سعد معروفون بهذا اللقب . وجذعان الجبال : صغارها ؛ وقال ذو الرمة يصف السراب :


                                                          جواريه جذعان القضاف النوابك



                                                          أي يجري فيري الشيء القضيف كالنبكة في عظمه . والقضفة : ما ارتفع من الأرض . والجذعمة : الصغير . وفي حديث علي : أسلم والله أبو بكر - رضي الله عنهما - وأنا جذعمة ؛ وأصله جذعة ، والميم زائدة ، أراد : وأنا جذع أي : حديث السن غير مدرك ، فزاد في آخره ميما كما زادوها في ستهم : العظيم الاست ، وزرقم : الأزرق ، وكما قالوا للابن ابنم ، والهاء للمبالغة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية