الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين فكفروا به فسوف يعلمون ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

                                                                                                                                                                                                                                        (167-170) يخبر تعالى أن هؤلاء المشركين، يظهرون التمني، ويقولون: لو جاءنا من الذكر والكتب، ما جاء الأولين، لأخلصنا لله العبادة، بل لكنا المخلصين على الحقيقة، وهم كذبة في ذلك، فقد جاءهم أفضل الكتب فكفروا به، فعلم أنهم [ ص: 1483 ] متمردون على الحق فسوف يعلمون العذاب حين يقع بهم.

                                                                                                                                                                                                                                        (171-179) ولا يحسبوا أيضا أنهم في الدنيا غالبون، بل قد سبقت كلمة الله التي لا مرد لها ولا مخالف لها لعباده المرسلين وجنده المفلحين، أنهم الغالبون لغيرهم، المنصورون من ربهم نصرا عزيزا، يتمكنون فيه من إقامة دينهم، وهذه بشارة عظيمة لمن اتصف بأنه من جند الله، بأن كانت أحواله مستقيمة، وقاتل من أمر بقتالهم، أنه غالب منصور.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم أمر رسوله بالإعراض عمن عاندوا، ولم يقبلوا الحق، وأنه ما بقي إلا انتظار ما يحل بهم من العذاب، ولهذا قال: وأبصرهم فسوف يبصرون من يحل به النكال، فإنه سيحل بهم.

                                                                                                                                                                                                                                        فإذا نزل بساحتهم أي: نزل عليهم، وقريبا منهم فساء صباح المنذرين لأنه صباح الشر والعقوبة، والاستئصال.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم كرر الأمر بالتولي عنهم، وتهديدهم بوقوع العذاب.

                                                                                                                                                                                                                                        (180-182) ولما ذكر في هذه السورة، كثيرا من أقوالهم الشنيعة، التي وصفوه بها، نزه نفسه عنها فقال: سبحان ربك أي: تنزه وتعالى رب العزة أي: الذي عز فقهر كل شيء، واعتز عن كل سوء يصفونه به.

                                                                                                                                                                                                                                        وسلام على المرسلين لسلامتهم من الذنوب والآفات، وسلامة ما وصفوا به فاطر الأرض والسماوات.

                                                                                                                                                                                                                                        والحمد لله رب العالمين الألف واللام للاستغراق، فجميع أنواع الحمد من الصفات الكاملة العظيمة، والأفعال التي ربى بها العالمين ، وأدر عليهم فيها النعم، وصرف عنهم بها النقم، ودبرهم تعالى في حركاتهم وسكونهم، وفي جميع أحوالهم، كلها لله تعالى، فهو المقدس عن النقص، المحمود بكل كمال، المحبوب المعظم، ورسله سالمون مسلم عليهم، ومن اتبعهم في ذلك له السلامة في الدنيا والآخرة. وأعداؤه لهم الهلاك والعطب في الدنيا والآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                        تم تفسير سورة الصافات في 6 شوال سنة 1343 .على يد جامعه وكاتبه: عبد الرحمن بن ناصر السعدي. وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية