الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                453 حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة أن أهل الكوفة شكوا سعدا إلى عمر بن الخطاب فذكروا من صلاته فأرسل إليه عمر فقدم عليه فذكر له ما عابوه به من أمر الصلاة فقال إني لأصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرم عنها إني لأركد بهم في الأوليين وأحذف في الأخريين فقال ذاك الظن بك أبا إسحق حدثنا قتيبة بن سعيد وإسحق بن إبراهيم عن جرير عن عبد الملك بن عمير بهذا الإسناد

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( إن أهل الكوفة شكوا سعدا ) هو سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - ، والكوفة هي البلدة المعروفة ودار الفضل ومحل الفضلاء بناها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، أعني أمر نوابه ببنائها هي والبصرة ، قيل : سميت كوفة لاستدارتها تقول العرب : رأيت كوفا وكوفانا للرمل المستدير ، وقيل : لاجتماع الناس فيها تقول العرب : تكوف الرمل إذا استدار وركب بعضه بعضا ، وقيل : لأن ترابها [ ص: 132 ] خالطه حصى ، وكل ما كان كذلك سمي كوفة . قال الحافظ أبو بكر الحازمي وغيره : ويقال للكوفة أيضا كوفان بضم الكاف .

                                                                                                                قوله : ( فذكروا من صلاته ) أي أنه لا يحسن الصلاة .

                                                                                                                قوله : ( فأرسل إليه عمر - رضي الله عنه ) فيه أن الإمام إذا شكي إليه نائبه بعث إليه واستفسره عن ذلك ، وأنه إذا خاف مفسدة باستمراره في ولايته ووقوع فتنة عزله ، فلهذا عزله عمر - رضي الله عنه - مع أنه لم يكن فيه خلل ، ولم يثبت ما يقدح في ولايته وأهليته ، وقد ثبت في صحيح البخاري في حديث مقتل عمر والشورى أن عمر - رضي الله عنه - قال : إن أصابت الإمارة سعدا فذاك وإلا فليستعن به أيكم ما أمر فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة .

                                                                                                                قوله : ( لا أخرم عنها ) هو بفتح الهمزة وكسر الراء أي لا أنقص .

                                                                                                                قوله : ( إني لأركد بهم في الأوليين ) يعني أطولهما وأديمهما وأمدهما كما قاله في الرواية الأخرى من قولهم : ركدت السفن والريح والماء إذا سكن ومكث .

                                                                                                                وقوله : ( وأحذف في الأخريين ) يعني أقصرهما عن الأوليين لا أنه يخله بالقراءة ويحذفها كلها .

                                                                                                                قوله : ( ذاك الظن بك أبا إسحاق ) فيه مدح الرجل الجليل في وجهه إذا لم يخف عليه فتنة بإعجاب ونحوه ، والنهي عن ذلك إنما هو لمن خيف عليه الفتنة ، وقد جاءت أحاديث كثيرة في الصحيح بالأمرين ، وجمع العلماء بينهما بما ذكرته وقد أوضحتهما في كتاب الأذكار ، وفيه خطاب الرجل الجليل بكنيته دون اسمه .




                                                                                                                الخدمات العلمية