الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      2442 أخبرنا إسمعيل بن مسعود قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة قال حدثنا قتادة عن أبي عمرو الغداني أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيما رجل كانت له إبل لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها قالوا يا رسول الله ما نجدتها ورسلها قال في عسرها ويسرها فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأسمنه وآشره يبطح لها بقاع قرقر فتطؤه بأخفافها إذا جاءت أخراها أعيدت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله وأيما رجل كانت له بقر لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها فإنها تأتي يوم القيامة أغذ ما كانت وأسمنه وآشره يبطح لها بقاع قرقر فتنطحه كل ذات قرن بقرنها وتطؤه كل ذات ظلف بظلفها إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله وأيما رجل كانت له غنم لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكثره وأسمنه وآشره ثم يبطح لها بقاع قرقر فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها وتنطحه كل ذات قرن بقرنها ليس فيها عقصاء ولا عضباء إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      2442 ( أيما رجل كانت له إبل لا يعطي حقها ) أي لا يؤدي زكاتها ( في نجدتها ورسلها ) قال في النهاية : النجدة الشدة وقيل : السمن ، والرسل بالكسر الهينة والتأني ، وقال الجوهري : أي الشدة والرخاء يقول : يعطي وهي سمان حسان يشتد عليه إخراجها ، فتلك نجدتها ، ويعطي في رسلها وهي مهازيل مقاربة ، وقال الأزهري : معناه إلا من أعطى في إبله ما يشق عليه ، فتكون نجدة عليه ، أي شدة ، ويعطي ما يهون عليه عطاؤه منها مستهينا على رسله ، قال الأزهري : وقال بعضهم في رسلها : أي بطيب نفس منه ، وقيل : ليس للهزال فيه معنى ؛ لأنه ذكر الرسل بعد النجدة على جهة التفخيم للإبل ، فجرى مجرى قولهم : إلا من أعطى في سمنها وحسنها ووفور لبنها , وهذا كله يرجع إلى معنى واحد فلا معنى للهزال ; لأن من بذل حق الله من المضنون به كان إلى إخراجه ما يهون عليه أسهل ، فليس لذكر الهزال بعد السمن معنى ، قال صاحب النهاية : والأحسن والله أعلم أن يكون المراد بالنجدة الشدة والجدب ، وبالرسل الرخاء والخصب ؛ لأن الرسل اللبن ، وإنما يكثر في حال الرخاء والخصب ، فيكون المعنى أنه يخرج حق الله في حال الضيق والسعة ، والجدب والخصب ؛ لأنه إذا أخرج حقها في سنة الضيق والجدب كان ذلك شاقا عليه ، فإنه [ ص: 13 ] إجحاف ، وإذا أخرجها في حال الرخاء كان ذلك سهلا عليه ، ولذلك قيل في الحديث : ( يا رسول الله : ما نجدتها ورسلها؟ قال : في عسرها ويسرها ) فسمى النجدة عسرا ، والرسل يسرا ؛ لأن الجدب عسر ، والخصب يسر ، فهذا الرجل يعطي حقها في حال الجدب والضيق ، وهو المراد بالنجدة , وفي حال الخصب والسعة وهو المراد بالرسل ( فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت ) بالغين والذال المعجمتين ، أي أسرع وأنشط , أغذ يغذ إغذاذا أسرع في السير ( وأسره ) بالسين المهملة وتشديد الراء ، قال في النهاية : أي كأسمن ما كانت وأوفره ، من سر كل شيء وهو لبه ومخه ، وقيل : هو من السرور ؛ لأنها إذا سمنت سرت الناظر إليها . قال : وروي وآشره بمد الهمزة وشين معجمة وتخفيف الراء أي أبطره أو أنشطه ( يبطح لها ) أي يلقى على وجهه ( بقاع قرقر ) بفتح القافين هو المكان الواسع المستوي ( في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) قال القرطبي : قيل : معناه لو حاسب فيه غير الله سبحانه ، وقال الحسن : قدر ابن السمان مواقفهم للحساب ، كل وقف ألف سنة , وفي الحديث : إنه [ ص: 14 ] ليخف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة ( فيرى سبيله ) زاد مسلم : إما إلى الجنة وإما إلى النار ( ليس فيها عقصاء ) هي الملتوية القرنين ( ولا عضباء ) هي المكسورة [ ص: 15 ] القرن




                                                                                                      الخدمات العلمية