الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 451 ] قوله تعالى : فأنجيناه والذين معه برحمة منا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج إسحاق بن بشر ، وابن عساكر من طريق عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : لما أوحى الله إلى العقيم أن تخرج على قوم عاد فتنتقم له منهم ، فخرجت بغير كيل على قدر منخر ثور ، حتى رجفت الأرض ما بين المشرق والمغرب ، فقال الخزان : رب لن نطيقها ، ولو خرجت على حالها لأهلكت ما بين مشارق الأرض ومغاربها ، فأوحى الله إليها : أن ارجعي ، فرجعت فخرجت على قدر خرق الخاتم ، وهي الحلقة ، فأوحى الله إلى هود : أن يعتزل بمن معه من المؤمنين في حظيرة فاعتزلوا ، وخط عليهم خطا ، وأقبلت الريح فكانت لا تدخل حظيرة هود ، ولا تجاوز الخط ، إنما يدخل عليهم منها بقدر ما تلذ به أنفسهم ، وتلين عليه الجلود ، وإنها لتمر من عاد بالظعن بين السماء والأرض ، فتدمغهم بالحجارة ، وأوحى الله إلى الحيات والعقارب أن تأخذ عليهم الطرق ، فلم تدع عاديا يجاوزهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر ، عن وهب قال : لما أرسل الله الريح على عاد اعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة ، ما يصيبهم من الريح إلا ما تلين عليه الجلود ، وتلتذه الأنفس ، وإنها لتمر بالعادي فتحمله بين السماء والأرض ، وتدمغه بالحجارة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن زيد في قوله : وقطعنا دابر الذين كذبوا [ ص: 452 ] قال : استأصلناهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ في "العظمة" ، عن هريم بن حمزة قال : سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يريه رجلا من قوم عاد ، فكشف الله له ، عن الغطاء ، فإذا رأسه بالمدينة ، ورجلاه بذي الحليفة ؛ أربعة أميال طوله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر ، من طريق سالم بن أبي الجعد ، عن عبد الله قال : ذكر الأنبياء عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما ذكر هود قال : "ذاك خليل الله" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وأبو يعلى ، وابن عساكر ، عن ابن عباس قال : لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بوادي عسفان فقال : "لقد مر به هود وصالح على بكرات حمر ، خطمهن الليف ، أزرهم العباء ، وأرديتهم النمار يلبون يحجون البيت العتيق" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر ، عن ابن سابط قال : بين المقام والركن وزمزم قبر [ ص: 453 ] تسعة وتسعين نبيا ، وإن قبر نوح وهود وشعيب وصالح وإسماعيل في تلك البقعة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد ، وابن عساكر ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال : ما يعلم موضع قبر نبي من الأنبياء إلا ثلاثة ؛ قبر إسماعيل فإنه تحت الميزاب بين الركن والبيت ، وقبر هود فإنه في حقف تحت جبل من جبال اليمن عليه شجرة ، وموضعه أشد الأرض حرا ، وقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هذه قبورهم بحق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري في "تاريخه" ، وابن جرير ، وابن عساكر ، عن علي بن أبي طالب قال : قبر هود بحضرموت في كثيب أحمر عند رأسه سدرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر ، عن عثمان بن أبي العاتكة قال : قبلة مسجد دمشق قبر [ ص: 454 ] هود عليه السلام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن أبي هريرة قال : كان عمر هود أربعمائة واثنين وسبعين سنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الزبير بن بكار في "الموفقيات" ، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال : عجائب الدنيا أربعة مرآة كانت معلقة بمنارة الإسكندرية ، فكان يجلس الجالس تحتها فيبصر من بالقسطنطينية وبينهما عرض البحر ، وفرس كان من نحاس بأرض الأندلس ؛ قائلا بكفه كذا ؛ باسط يده ، أي : ليس خلفي مسلك فلا يطأ تلك البلاد أحد إلا أكلته النمل ، ومنارة من نحاس عليها راكب من نحاس بأرض عاد ، فإذا كانت أشهر الحرم هطل منه الماء فشرب الناس وسقوا ، وصبوا في الحياض ، فإذا انقطعت الأشهر الحرم انقطع ذلك الماء ، وشجرة من نحاس عليها سودانية من نحاس بأرض رومية إذا كان أوان الزيتون صفرت السودانية التي من نحاس ، فتجيء كل سودانية من الطيارات بثلاث زيتونات ، زيتونتين برجليها ، وزيتونة بمنقارها حتى تلقيه على تلك السودانية النحاس ، فيعصر أهل رومية ما يكفيهم لإدامهم وسرجهم شتويتهم إلى قابل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية