الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

وإذا أحيا الله تبارك وتعالى الناس كلهم قاموا عجلين ينظرون ما يراد بهم لقوله تعالى : ( ثم نفخ فيه أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون ) .

وقد أخبر الله عز وجل عن الكفار أنهم يقولون : ( يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ) .

وأنهم يقولون : ( هذا يوم الدين ) .

فتقول لهم الملائكة : ( هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون ) .

ثم يومر بحشر الناس إلى موقف العرض ، والحساب وهو الساهرة فقال الله عز وجل : ( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ) .

قال البيهقي رحمه الله : وروينا عن وهب بن منبه ، أنه قرأ هذه الآية وهو يومئذ ببيت المقدس فقال : " هاهنا الساهرة يعني بيت المقدس " [ ص: 544 ]

وروينا عن ابن عباس موقوفا ومرفوعا ما دل على : " أن الشام أرض المحشر " وقال الفراء : " الساهرة وجه الأرض كأنها سميت بهذا الاسم ؛ لأن فيه الحيوان نومهم وسهرهم " .

وروى بإسناده ، عن ابن عباس قال : الساهرة : الأرض .

قال الحليمي رحمه الله : " ومعناه فإذا هم قد صاروا على وجه الأرض بعد أن كانوا في جوفها .

وقيل : الساهرة صحراء ، قرب شفير جهنم والله أعلم " .

وروينا في الحديث الثابت ، عن سهل بن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي " .

وفي رواية كقرصة النقي ليس فيها لأحد علم [ ص: 545 ]

والنقي : الخبز الحواري ، وقوله : " ليس فيها علم " يريد : أرضا مستوية ليس فيها حدب ، ولا بناء .

وأما صفة الحشر فقد قال الله عز وجل : ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) .

روينا عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس أنه قال : في قوله : ( وفدا ) " ركبانا " ، وفي قوله : ( وردا ) " عطاشا " .

وروينا عن النعمان بن سعد ، عن علي أنه قال في هذه الآية : " أما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم ، ولا يساقون سوقا ، ولكنهم يؤتون بنوق لم ير الخلائق مثلها عليها رحال الذهب وأزمتها الزبرجد فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة " .

[ 352 ] أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب ، حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي ، رضي الله عنه فذكره . [ ص: 546 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية