الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أبو حصين ( ع )

                                                                                      عثمان بن عاصم بن حصين ، وقيل : بدل حصين زيد بن كثير ، الإمام الحافظ الأسدي الكوفي .

                                                                                      [ ص: 413 ] قال أبو حاتم : يقال : هو من ولد عبيد بن الأبرص .

                                                                                      روى عن جابر بن سمرة ، وابن عباس ، وابن الزبير ، وأنس ، وأبي سعيد الخدري وغيرهم من الصحابة .

                                                                                      وروي عن عمران بن حصين مرسلا ، وعن عمير بن سعيد ، ومجاهد والشعبي ، وسالم بن أبي الجعد ، وأبي الضحى ، وسعيد بن جبير ، وأبي صالح السمان ، وأبي عبد الرحمن السمان ، وأبي وائل الأسدي ; ويحيى بن وثاب ، وأبي مريم الأسدي وعدة .

                                                                                      وعنه أبو مالك الأشجعي ، ومحمد بن جحادة ، وشعبة ، والثوري ، ومالك بن مغول ، وزائدة ، وشريك ، وأبو غسان محمد بن مطرف ، وأبو عوانة ، وأبو الأحوص الحنفي ، يقال : حديثا واحدا ، وإسرائيل ، وخالد بن عبد الله ، وجرير بن عبد الحميد ، وأبو بكر بن عياش ، وسفيان بن عيينة ، وخلق سواهم .

                                                                                      وقال ابن سعد : هو من جشم بن الحارث ، ثم من أسد بن خزيمة . وروى أحمد بن سنان القطان ، عن عبد الرحمن بن مهدي قال : أربعة بالكوفة لا يختلف في حديثهم ، فمن اختلف عليهم ، فهو مخطئ ، ليس هم ، منهم أبو حصين الأسدي . وروى أبو بكر بن أبي الأسود ، عن ابن مهدي قال : لم يكن بالكوفة أثبت من أربعة : منصور ، وأبو حصين ، وسلمة بن كهيل ، وعمرو بن مرة ، قال : وكان منصور أثبت أهل الكوفة .

                                                                                      وروى الحارث بن شريح النقال ، عن عبد الرحمن بن مهدي قال : لا ترى حافظا يختلف على أبي حصين .

                                                                                      [ ص: 414 ] الفضل بن زياد ، عن أحمد بن حنبل ، قال : الأعمش ويحيى بن وثاب موالي ، وأبو حصين من العرب ، ولولا ذلك لم يصنع الأعمش ما صنع ، وكان قليل الحديث ، صحيح الحديث ، قيل له : أيهما أصح حديثا هو أو أبو إسحاق ؟ قال : أبو حصين أصح حديثا لقلة حديثه ، وكذا منصور أصح حديثا من الأعمش لقلة حديثه .

                                                                                      قال أحمد بن عبد الله العجلي : كان أبو حصين شيخا عاليا ، وكان صاحب سنة ، يقال : كان قيس بن الربيع أروى الناس عنه ، عنده عنه أربعمائة حديث .

                                                                                      وقال في موضع آخر : كان ثقة عثمانيا رجلا صالحا ثبتا في الحديث ، هو أسن من الأعمش ، وكان الذي بينهما متباعدا . ووقع بينهما شر ، حتى تحول الأعمش عنه إلى بني حرام . أحمد بن زهير : حدثنا أبو هشام الرفاعي ، سمعت وكيعا يقول : كان أبو حصين يقول : أنا أقرأ من الأعمش ، وكانا في مسجد بني كاهل ، فقال الأعمش لرجل يقرأ عليه : اهمز الحوت فهمزه ، فلما كان من الغد ، قرأ أبو حصين في الفجر ( ن ) فقرأ كصاحب الحؤت فهمز ، فلما فرغ قال له الأعمش يا أبا حصين : كسرت ظهر الحوت ، قال : فكان ما بلغكم ؟ قال : والذي بلغنا أنه قذفه ، فحلف الأعمش ليحدنه . وكلمه بنو أسد ، فأبى ، فقال خمسون منهم : والله لنشهدن أن أمه كما قال ، فحلف الأعمش أن لا يساكنهم وتحول .

                                                                                      قال ابن معين والنسائي وجماعة : أبو حصين ثقة .

                                                                                      [ ص: 415 ] وقال علي بن المديني : أصحاب الشعبي : أبو حصين ، ثم إسماعيل ، ثم داود بن أبي هند ، ثم الشيباني ومطرف وبيان طبقة ، الشيباني أعلاهم ، ومغيرة كان من أصحاب الشعبي ، روى عنه فأجاد ، وزكريا بن أبي زائدة ، وعبد الله بن أبي السفر ، طبقة ، ومالك بن مغول ، وأبو حيان التيمي ، وابن أبجر طبقة ، وأشعث بن سوار فوق جابر وابن سالم ، ومجالد فوق أشعث ، وفوق أجلح الكندي .

                                                                                      روى أبو معاوية ، عن الأعمش قال : أبو حصين يسمع مني ثم يذهب فيرويه . يحيى بن آدم ، عن أبي بكر بن عياش ، سمعت أبا حصين قال : ما سمعنا بحديث من كنت مولاه حتى جاء هذا من خراسان ، فنعق به يعني : أبا إسحاق ، فاتبعه على ذلك ناس . قلت : الحديث ثابت بلا ريب ولكن أبو حصين عثماني ، وهذا نادر في رجل كوفي .

                                                                                      وروى محمد بن عمران الأخنسي ، عن أبي بكر بن عياش ، قال : دخلت على أبي حصين وهو مختف من بني أمية ، فقال : إن هؤلاء يعني : بني أمية ، يريدوني على ديني والله لا أعطيهم إياه أبدا .

                                                                                      وقال الشيباني : قال لي الشعبي ودخلت معه المسجد : انظر هل ترى أبا حصين نجلس إليه ؟ .

                                                                                      قال ابن عيينة : حدثني رجل قال : سئل الشعبي لما حضرته الوفاة ، بمن تأمرنا ؟ قال : ما أنا بعالم ، ولا أترك عالما ، وإن أبا حصين رجل صالح [ ص: 416 ] روى مثلها مالك بن مغول .

                                                                                      وقال مسعر : بعث بعض الأمراء إلى أبي حصين بألفي درهم ، وهو عائل ، فردها ، فقلت له : لم رددتها ؟ قال : الحياء والتكرم .

                                                                                      وقال ابن عيينة : كان أبو حصين إذا سئل عن مسألة ; قال : ليس لي بها [ علم ] والله أعلم .

                                                                                      وقال أبو شهاب الحناط : سمعت أبا حصين يقول : إن أحدهم ليفتي في المسألة ، ولو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر .

                                                                                      قال أبو أحمد العسكري : أبو حصين ، كان يقرأ عليه في مسجد الكوفة خمسين سنة .

                                                                                      قال أبو حاتم الرازي : لم يكن له ولد ذكر ، وكانت له بنت ، وبنت بنت ، تزوج بها قيس بن الربيع .

                                                                                      قال أبو بكر بن عياش : دخلت على أبي حصين في مرضه الذي مات فيه ، فأغمي عليه ثم أفاق ، فجعل يقول : وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ثم أغمي عليه ، ثم أفاق ، فجعل يرددها ، فلم يزل على ذلك .

                                                                                      قال يحيى بن معين وخليفة : مات أبو حصين سنة سبع وعشرين ومائة .

                                                                                      وقال الواقدي ، وعلي بن عبد الله التميمي ، وأبو عبيد ، وابن بكير ، وابن نمير وغيرهم : سنة ثمان وعشرين . وهذا الصواب . وقد روى ابن أبي خيثمة ، عن يحيى بن معين رواية أخرى شاذة ، أنه مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة .

                                                                                      أخبرنا محمد بن أبي عصرون التيمي بسفح قاسيون وبالبلد ، عن عبد [ ص: 417 ] المعز بن محمد البزاز ، أنبأنا تميم بن أبي سعيد ، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن ، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي ، حدثنا إسماعيل بن بنت السدي ، حدثنا شريك ، عن أبي حصين ، عن عمير بن سعد ، عن علي -رضي الله عنه- قال : ما كنت أدي من أقمت عليه الحد إلا شارب الخمر ، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يسن فيه شيئا ، إنما هو شيء قلناه نحن . هذا حديث حسن عال ، أخرجه أبو داود ، وابن ماجه جميعا عن إسماعيل بن موسى ، فوافقناهم بعلو درجته .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية