الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة الرابعة

[ ولاء العبد المسلم إذا أعتقه النصراني ]

اختلف العلماء في ولاء العبد المسلم إذا أعتقه النصراني قبل أن يباع لمن يكون ؟ فقال مالك وأصحابه : ولاؤه للمسلمين ، فإن أسلم مولاه بعد ذلك لم يعد إليه ولاؤه ولا ميراثه .

وقال الجمهور : ولاؤه لسيده ، فإن أسلم كان له ميراثه .

وعمدة الجمهور أن الولاء كالنسب ، وأنه إذا أسلم الأب بعد إسلام الابن أنه يرثه ، فكذلك العبد .

وأما عمدة مالك فعموم قوله تعالى : ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) فهو يقول : إنه لما لم يجب له الولاء يوم العتق لم يجب له فيما بعد . وأما إذا وجب له يوم العتق ثم طرأ عليه مانع من وجوبه فلم يختلفوا أنه إذا ارتفع ذلك المانع أنه يعود الولاء له .

ولذلك اتفقوا أنه إذا أعتق النصراني الذمي عبده النصراني قبل أن يسلم أحدهما ثم أسلم العبد أن الولاء يرتفع ، فإن أسلم المولى عاد إليه . وإن كانوا اختلفوا في الحربي يعتق عبده وهو على دينه ، ثم يخرجان إلينا مسلمين ، فقال مالك : هو مولاه يرثه ، وقال أبو حنيفة : لا ولاء بينهما ، وللعبد أن يوالي من شاء على مذهبه في الولاء والتحالف . وخالف أشهب مالكا فقال : إذا أسلم العبد قبل المولى لم يعد إلى المولى ولاؤه أبدا . وقال ابن القاسم : يعود ، وهو معنى قول مالك ; لأن مالكا يعتبر وقت العتق .

وهذه المسائل كلها هي مفروضة في القول لا تقع بعد ، فإنه ليس من دين النصارى أن يسترق بعضهم [ ص: 691 ] بعضا ، ولا من دين اليهود فيما يعتقدونه في هذا الوقت ويزعمون أنه من مللهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية