الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متزوجة منذ خمسة أشهر وزوجي لا يلبي رغباتي العاطفية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم على جهودكم الرائعة، جزاكم الله خيرًا.

أنا سيدة متزوجة منذ 5 أشهر، عمري 21 سنةً، وزوجي عمره 24 سنةً، تزوجت عن حب، وكل شيء كان جميلاً في البداية، وما لبثنا أن دخلنا في الشهر الأول والثاني، حتى تغيرت معاملة زوجي لي، فأصبح لا يهتم بي، ولا يبالي، ولا يقدرني، ولا يشبع عاطفتي، وشعرت أنني آخر اهتماماته، بقدر ما يجب أن أكون أقرب الناس إليه، لكنني أبعدهم.

قلت عبارات الحب إلى أن انعدمت، وكل شيء تغير، وحدث بيننا جفاء وبرود لا يمكن تصوره، ولم أعد أستطيع الصبر والكتمان، وأصبحت أثور بسرعة لأطالب بحقوقي المسلوبة مني، وفي كل مرة أحس أنها مسلوبة بالفعل، وبقي الحال هكذا لأكثر من شهرين، ولم أترك طريقة إلا وحاولت أن أشرح له بها مدى احتياجي لحبه واهتمامه، بكيت، غضبت، تحاورت بهدوء، لم أهتم به، عاملته بالمثل، ولكن دون جدوى.

ليس هناك أي سبب منطقي لما يفعل، وهو واعي أنه يظلمني ومع ذلك يستمر في ظلمه لي، أحسست بالفشل والضعف لأن كل شيء بيده، وهو لا يفعل شيئًا، طالبته بالطلاق إن لم يعد يحبني ويرتاح معي، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وهو في كل مرة يقول لنجرب مرة أخرى، وسأحاول أن أكون في المستوى المطلوب، مللنا هذا الوضع، ولا أريده أن يمل معي، أو يشعر بالضغط والقيود، وفي الوقت ذاته لا أستطيع أن أكظم في نفسي ما يفعله وأسكت، أو أتركه على راحته.

كنت أظن أنه تزوجني عن حماس، ولكن هذا الحماس زال، وارتطمت في الأرض، أفكر في مستقبلي معه، هل سأعيش حياتي كلها بهذا الشكل؟ علمًا أننا تزوجنا، لكن لا زلنا لم نجتمع في بيتنا، ولا زال كل واحد في بيت أهله، يأتي إليّ مرة كل يومين، بيوتنا قريبة من بعض، لكن لا يأتي لرؤيتي كثيراً، أتساءل هل لا يشتاق، لا يحب؟! أستغرب كثيرًا لما يفعله معي، وهو الذي يدعي الالتزام والتدين، ويتبع نهج السلف، أستغرب كيف يضيع حقوق زوجته! أين هي المعاشرة بالمعروف؟! أين هي المودة والرحمة والاستقرار، والسكن النفسي؟! أين خلق الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟!

أنا لا أتوانى عن إظهار حبي له، وتسامحي معه، وطاعة أوامره، تعبت جداً، لا أريد أن أنتظر منه شيئًا مرة أخرى، لا أريد أن أنتظر منه إسعادي، والاهتمام بي، أريد أن أسعد نفسي، وأتركه ولا أهتم به، وأنساه لكي أرتاح، لكن كيف لي ذلك؟ رغم أنني محبوبة لدى الجميع، أهلي، وأقاربي، وجميع أصدقائي، لا أحد يستطيع أن يغضبني، الكل يحبني ويعاملني بالحسنى إلا زوجي، مع أنه أقربهم إلي، وأحبهم إلى قلبي، أشعر أنني إنسانة فاشلة، وتائهة، فماذا أفعل؟

أفيدوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ضحى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

غالبًا الشباب والشابات يحملون أحلامًا وردية عن شريك العمر، ويبالغون فيها كثيراً، فإذا تم الزواج يصدمون بالواقع غير المطابق لتلك الأحلام المبالغ فيها؛ لذا أمرنا بالاعتدال في كل شيء، حتى نتعامل مع الواقع بإيجابية.

ونصيحتي لك أن لا تيأسي من صلاح الحال، ولا تستعجلي بالفراق، بل حاولي معه بأساليب أخرى، واستعيني على إصلاح الحال بالدعاء، واللجوء إلى الله، وحاولا التعرف على أسباب هذا البرود في المشاعر، واسعيا في علاج تلك الأسباب، فربما عدم سكنكما في منزل مستقل هي أحد الأسباب، وربما يعاني زوجك من مشكلات أخرى لم يطلعك عليها، فصارحيه فيها، وربما وجد منك قصورًا في بعض الجوانب فكان موقفه ردة فعل.

غيري من تعاملك معه، وأشعريه بالحب والحنان مهما كان بارد الشعور معك، ولا تتعاملي معه بالمثل، أشعريه بالحرص عليه، وإذا وجدتِ منه أدنى تجاوب، أو شعور بالتقصير فابني عليه آمالاً، وامدحي منه ذلك التغير نحو الأفضل، وهكذا حتى تأخذي بيده إلى الإصلاح، وطالما هو يعترف بالتقصير، فهذا دليل خير فيه، حاولي مساعدته على تعديل السلوك الخاطئ.

ويمكن أن تتأكدي منه من هذه النفرة التي حصلت منه بعد حب وشوق لك، ربما يكون وراؤها عينا خبيثة، أو عملاً من السحر، تحاوري معه إذا كان يشعر بشيء غريب حينما يبتعد أو يقترب منك، وطالما هو متدين ومستقيم -كما تقولين- فليحاول أن يرقي نفسه ويحصنها، وابذلوا وسعكم في اكتشاف السبب ومعالجته، وعليك بالدعاء واللجوء إلى الله أن يصلح لك زوجك، فالأمر بيده سبحانه، ولا تستعجلي بالفراق منه، حتى تستنفذي كل الأساليب في صلاح الحال، وعليك بالصبر، وانتظار الفرج من الله، مع الأخذ بأسباب الصلاح، وإياك والشعور بالفشل واليأس، فهذا من عمل الشيطان.

أسأل الله أن يصلح حالكما، ويسعدكما في الدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً