الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن أم وزوجة وثلاثة أبناء وبنت وآخرين

السؤال

الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: أم، وزوجة، وثلاثة أولاد، وبنت، وابن ابن، وشقيقة، ووثلاثة إخوة لأب، وأختان لأم، وسبعة أبناء أخ لأب، وبنت ابن.
أم المتوفى تنازلت عن نصيبها في الميراث لأبناء المتوفى مقابل أن لا يرثوا فيها بعد وفاتها واتفق الطرفان على ذلك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر، فإن لأمه السدس ـ فرضا ـ لوجود الفرع الوارث وكذا جمع من الإخوة قال الله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء: 11}.

ولزوجته الثمن ـ فرضا ـ لوجود الفرع الوارث, قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 12}.

والباقي للأبناء الثلاثة والبنت ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}.

ولا شيء لبقية الورثة المذكورين في السؤال، لأنهم محجوبون حجب حرمان بالابن, فتقسم التركة على مائة وثمانية وستين سهما, للأم سدسها ـ ثمانية وعشرون سهما ـ وللزوجة ثمنها ـ واحد وعشرون سهما ـ ولكل ابن أربعة وثلاثون سهما, ولكل بنت سبعة عشر سهما.

وأما تنازل الأم عن نصيبها من التركة لأبناء ابنها على أن لا يرثوها بعد مماتها: فنقول ابتداء إن أبناء ابنها لا يرثونها لكونهم محجوبين بابنها, ولو فرض أنهم صاروا وارثين عند موتها بسبب عدم وجود من يحجبهم، فإن تنازلها لهم عن نصيبها بذلك الشرط يعتبر تنازلا ملغى، لأنهم تنازلوا عن شيء قبل أن يملكوه، والشرط المذكور يعتبر شرطا باطلا، لأنه يلغي حقا شرعيا جعله الله تعالى لأبناء الابن وهو الإرث, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ. متفق عليه.

قال الحافظ في الفتح: الْمُرَاد بِمَا لَيْسَ فِي كِتَاب اللَّه مَا خَالَفَ كِتَاب اللَّه، وَقَالَ اِبْن بَطَّال: الْمُرَاد بِكِتَابِ اللَّه هُنَا حُكْمُهُ مِنْ كِتَابه، أَوْ سُنَّة رَسُوله، أَوْ إِجْمَاع الْأُمَّةِ. اهـ.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني