الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم وجود عاكس رديء للضوء أمام المصلي

السؤال

ما حكم الصلاة بوجود عاكس رديء للضوء أمام المصلي - كحائط متوسط الصقل, أو زجاج لبِّس بالمرآة -؟ علمًا أن الانعكاس يخف في الضوء الخافت, ويكاد لا يُميّز من مسافة متوسطة, وشكرًا جزيلًا.

الإجابــة

الحمد لله, والصلاة والسلام على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه, ومن والاه, أما بعد:

فلا حرج في الصلاة وفي قبلة المصلي ما يعكس الضوء, إذا لم يكن في ذلك تشويش عليه في صلاته, والأصل الإباحة.

وأما إذا كان فيه تشويش وشغل لقلبه عن الصلاة, فإن الصلاة إليه تكره حينئذ؛ لدلالة السنة على كراهة الصلاة بحضور شيء يُشغل القلب عن الصلاة, وذلك فيما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَمِيصَةٍ لَهُ لَهَا أَعْلَامٌ, فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً, فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ, فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي ... الحديث, قال الإمام النووي في شرح مسلم:
فَفِيهِ الْحَثّ عَلَى حُضُور الْقَلْب فِي الصَّلَاة, وَتَدَبُّر مَا ذَكَرْنَاهُ, وَمَنْع النَّظَر مِنْ الِامْتِدَاد إِلَى مَا يَشْغَل, وَإِزَالَة مَا يَخَاف اِشْتِغَال الْقَلْب بِهِ، وَكَرَاهِيَة تَزْوِيق مِحْرَاب الْمَسْجِد, وَحَائِطه, وَنَقْشه, وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الشَّاغِلَات؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الْعِلَّة فِي إِزَالَة الْخَمِيصَة هَذَا الْمَعْنَى ... اهــ .
وقال الحافظ في الفتح: وَيُسْتَنْبَط مِنْهُ كَرَاهِيَة كُلّ مَا يَشْغَل عَنْ الصَّلَاة مِنْ الْأَصْبَاغ, وَالنُّقُوش, وَنَحْوهَا. اهــ .
قال ابن قدامة في المغني: وَقَدْ رَوَى مُجَاهِدٌ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَدَعُ شَيْئًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ إلَّا نَزَعَهُ, لَا سَيْفًا, وَلَا مُصْحَفًا, رَوَاهُ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ, قَالَ أَحْمَدُ: وَلَا يُكْتَبُ فِي الْقِبْلَةِ شَيْءٌ, وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ قَلْبَ الْمُصَلِّي، وَرُبَّمَا اشْتَغَلَ بِقِرَاءَتِهِ عَنْ صَلَاتِهِ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ تَزْوِيقُهَا، وَكُلُّ مَا يَشْغَلُ الْمُصَلِّيَ عَنْ صَلَاتِهِ. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني