الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تصرّف الزوجة في مال زوجها بعد أن صرفت راتبها على متطلبات المنزل

السؤال

كنت أعمل لمدة 12 سنة، ولا أدّخر راتبي، وأصرفه في البيت، وقد بعت ذهبي من أجل مساعدة زوجي، ودخلت في مشروع كنت أعمل فيه بمالٍ من زوجي - فليس عندي مال خاص بي؛ لما سبق ذكره-، وربحت مبلغًا معقولًا من المال، وأعطيته لزوجي، وأنا أتصدق من ماله على المحتاجين دون علمه، وأعطي والدتي أحيانًا مالًا، أو أشتري لها أشياء في البيت.
وهي ووالدي كثيرًا ما يجلبان لنا هدايا وأشياء كثيرة قيّمة، ولكنني أستحيي من الطلب بصورة مباشرة من زوجي أن نردّ لهما هداياهما، مع العلم أن قيمة ما أهدياه لنا أكثر بكثير مما أعطيها، فهل عليّ وزر، خاصة أن كل مالي الخاصّ كنت أصرفه في البيت، كما أنه ردّ لهداياهما؟
السؤال الثاني: أبي وأمّي كانا في بلد عربي، وبدآ يرسلان ملابس لي ولأولادي، ومفروشات للبيت على مدار سنين طويلة دون مقابل، وبعد ذلك قالا: ما سنرسله سنحاسبك عليه -دون حساب ما فات-، مع العلم أني لم أطلب منهما شيئًا، وهما يعرفان أني لن أستطيع أن أخبر زوجي، وقلت لهما: لا أريده، لكنهما أصرّا؛ لأن الأسعار عندهم أقل والجودة أفضل؛ وبذلك لن أضطر للشراء، وسيتوفر لي وقت ومجهود ومال، فاضطررت -إرضاء لهما، ولعدم إحراجي وإحراجهما أمام زوجي- أن أسدّد لهما المبلغ من مال زوجي، وبرّرت لنفسي أنه لا ذمّة مالية خاصة بي، كما أوضحت سابقًا، وبسبب ما أرسله أبي وأمي لي على مدار كل هذه السنين، لم أكن أشتري ملابس لي، أو لأولادي، ولا مفروشات لبيتي إلا نادرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الأصل أنه يحرم على الزوجة التصرف في مال زوجها دون إذنه ورضاه، إلا الصدقة بالأشياء اليسيرة التي يُعلم بجريان العادة إذن الزوج بها، وتسامحه فيها، وكذلك إن منعها النفقة الواجبة لها أو لأولادها، فلها أن تأخذ مقدار تلك النفقة دون زيادة.

وأما ذكرته بقولك: (كنت أعمل لمدة 12 سنة، ولا أدّخر راتبي، وأصرفه في البيت، وقد بعت ذهبي من أجل مساعدة زوجي، وربحت مبلغًا معقولًا من المال، وأعطيته لزوجي)، فكل ذلك لا يسوّغ لك الأخذ من مال زوجك دون إذنه.

فإن كنت متبرعة بإعطاء تلك الأموال لزوجك -كما هو الظاهر-، أو كان إعطاؤه تلك الأموال شرطًا لإذنه لك في الخروج للعمل؛ فالأمر ظاهر في أنه لا حق لك في استرداد تلك المبالغ.

ولو فُرض جدلًا أنك لم تكوني متبرعة بتلك الأموال، بل أعطيتها زوجك بنية الرجوع، فإنك يحق لك أن تطالبي زوجك بها، لكن لا يجوز أن تأخذيها من ماله بغير علمه -إلا في حال منعك إياها؛ فحينئذ فقط يجوز أخذها دون علمه عند بعض العلماء فيما يعرف بمسألة الظفر-.

وكذلك ما ذكرته عن تسديد قيمة مشتريات والديك لبيتك من مال زوجك خشية الإحراج؛ فذلك لا يسوّغ لك أن تأخذي من ماله بغير إذنه.

وراجعي الفتاوى: 126847، 117942، 119476، 382153، 109174، 69917، 6169، 21063.

وبعد هذا؛ فالواجب عليك التوبة إلى الله مما أخذته من مال زوجك الذي لا يحق لك أخذه، ويجب عليك التحلل من زوجك؛ بطلب العفو، والسماح منه، أو برد الأموال التي أخذتها إليه -ولو دون علمه-، وانظري الفتوى: 281266.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني