الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من صلّى ركعة من الصلاة الثنائية وتشهّد وسلّم ثم تذكر قبل القيام على المذهب المالكي

السؤال

صليت إمامًا في التراويح الشفعية، وبعد الركعة بسجدتيها، تشهّدت، وسلّمت، وقبل القيام علمت أني صليت ركعة واحدة، فهويت ساجدًا، ثم قمت لإتمام الركعة الثانية، وسجدت سجود السهو البعدي؛ لأني تركت القيام من السجود، وتركت ركعة، فأنكر عليّ أحد إخوتي؛ لأني هويت ساجدًا قبل الإتيان بالركعة الناقصة معتمدًا على حديث ذي اليدين، فقلت لهم: هذا صحيح إذا سلمت من اثنتين بعد التشهد، فقد سلم حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم من اثنتين بعد التشهّد، فقام للثالثة دون الانتقال إلى موضع، أما في هذه الحالة فعلينا أن نهوي ساجدين للإتيان بالقيام من السجود، فالمالكية ليس لهم جلوس الاستراحة، فلا يمكن الابتداء من وسط الفريضة، فمثلًا من سها عن سجدة في الصلاة، وقام للفاتحة، ثم تذكّر، فلا يهوي ساجدًا، بل يجلس، ثم يسجد السجود الثاني الناقص، ثم يقوم، والله أعلم. بارك الله فيكم، وفي المجهودات التي تقومون بها، وبارك في شيوخنا الكرام، وزادهم علمًا، وتقوى.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنظرًا إلى أنك عندك خلفية عن المذهب المالكي، ومن بلد يغلب فيه، فسيكون الجواب انطلاقًا من هذا المذهب، فنقول -وبالله التوفيق-:

ما فعلته صحيح؛ إذ الظاهر من كلام فقهاء المالكية أنك تهوي حتى تصل إلى هيئة الرفع من السجود فقط، ثم تكبّر، وتأتي بالركعة الثانية من صلاة التراويح، ثم بعد السلام تسجد البعدي، إذا لم تكن موسوسًا، جاء في حاشية الدسوقي المالكي: وأما لو سلّم من واحدة تامة، أو من ثلاث تامات؛ فإنه يرجع لحالة رفعه من السجود، ويُحرِم حينئذ؛ لأنها الحالة التي فارقها فيها، ولا يجلس -كما قاله ابن رشد-، ولا فرق بين كونه تذكر وهو قائم، أو تذكر وهو جالس. اهـ.

وفي الفواكه الدواني للنفراوي المالكي أثناء الحديث عن هذه المسألة: (ثم) بعد إحرامه بالنية، والتكبير، مع رفع اليدين، كما قدمنا (يصلح) وفي بعض النسخ: يصلي (ما بقي عليه) من الصلاة، ويسجد، إلا أن يكون مستنكحًا، فلا سجود عليه، كما يأتي. اهـ

وما نسبته للمالكية صحيح بخصوص من نسي سجدة، فإنه يجلس ليأتي بها من جلوس، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: يعني: أن من تذكر أنه نسي سجدة واحدة، فإنه يجلس ليأتي بها من جلوس؛ بناء على أن الحركة للركن مقصودة، بخلاف لو تذكر أنه ترك السجدتين بعد قيامه؛ فإنه يأتي بهما من غير جلوس، بل ينحط لهما من قيام، كمن لم ينسهما. اهـ

وعلى كل حال؛ فإن صلاتك صحيحة، وليس ثمّ ما يبطلها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني