الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى

                                                                                                                                                                                                                                      32 - الذين ؛ بدل أو في موضع رفع؛ على المدح؛ أي: هم الذين؛ يجتنبون كبائر الإثم ؛ أي: الكبائر من الإثم؛ لأن الإثم جنس يشتمل على كبائر وصغائر؛ و"الكبائر": الذنوب التي يكبر عقابها؛ "كبير"؛ "حمزة وعلي"؛ أي: النوع الكبير منه؛ والفواحش ؛ ما فحش من الكبائر؛ كأنه قال: "والفواحش منها خاصة"؛ قيل: "الكبائر": ما أوعد الله عليه النار؛ و"الفواحش": ما شرع فيها الحد؛ إلا اللمم ؛ أي: الصغائر؛ والاستثناء منقطع لأنه ليس من الكبائر؛ والفواحش؛ وهو كالنظرة؛ والقبلة؛ واللمسة؛ والغمزة؛ إن ربك واسع المغفرة ؛ فيغفر ما شاء من الذنوب؛ من غير توبة؛ هو أعلم بكم إذ أنشأكم ؛ أي: أباكم؛ من الأرض وإذ أنتم أجنة ؛ جمع "جنين"؛ في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم ؛ فلا تنسبوها إلى زكاء العمل؛ وزيادة الخير والطاعات؛ أو إلى الزكاة؛ والطهارة من المعاصي؛ ولا تثنوا عليها؛ واهضموها؛ فقد علم الله الزكي منكم؛ والتقي؛ أولا وآخرا؛ قبل أن يخرجكم من صلب آدم - عليه السلام -؛ وقبل أن تخرجوا من بطون أمهاتكم؛ وقيل: كان ناس يعملون أعمالا حسنة ثم يقولون: "صلاتنا؛ وصيامنا؛ وحجنا"؛ فنزلت؛ وهذا إذا كان على سبيل الإعجاب أو الرياء؛ لا على سبيل الاعتراف بالنعمة؛ فإنه جائز؛ لأن المسرة بالطاعة طاعة؛ وذكرها شكر؛ [ ص: 395 ] هو أعلم بمن اتقى ؛ فاكتفوا بعلمه عن علم الناس؛ وبجزائه عن ثناء الناس .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية