ولما ذكر حالهم وحال معبوديهم بغاية الويل، كان موضع السؤال عمن عبدوهم من الصالحين من نبي أو ملك وغيرهما من جميع من عبده سبحانه لا يشرك به شيئا، فقال مبينا أنهم ليسوا مرادين لشيء من ذلك على وجه يعمهم وغيرهم من الصالحين: إن الذين سبقت لهم منا أي ولنا العظمة التي لا يحاط بها الحسنى أي الحكم بالموعدة البالغة في الحسن في الأزل سواء ضل بأحد منهم الكفار فأطروه أو لا أولئك أي العالو الرتبة عنها [أي جهنم -].
ولما كان الفوز مطلق الإبعاد عنها لا كونه من مبعد معين، قال: [ ص: 485 ] مبعدون برحمة الله لأنهم أحسنوا في العبادة واتقوا، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان; قال في تفسيره: قال ابن كثير [حدثنا -] أبو بكر بن مردويه: محمد بن علي بن سهل ثنا محمد بن حسن الأنماطي ثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة ثنا يزيد بن [أبي -] حكيم أن الحكم - يعني ابن أبان - عن عن عكرمة رضي الله عنهما قال: ابن عباس جاء عبد الله بن الزبعرى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تزعم أن الله أنزل عليك هذه الآية إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون قال ابن الزبعرى: قد عبدت الشمس والقمر والملائكة وعزير وعيسى ابن مريم أكل هؤلاء في النار مع آلهتنا؟ فنزلت ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ثم نزلت إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون رواه الحافظ أبو عبد الله في كتابه "الأحاديث المختارة" انتهى. وفي السيرة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه اعتراض ابن الزبعرى قال: "كل من أحب [ ص: 486 ] أن يعبد من دون الله فهو [مع -] من عبده، إنهم إنما يعبدون الشياطين ومن أمرتهم بعبادته" وقد أسلم ابن الزبعرى بعد ذلك ومدح النبي صلى الله عليه وسلم.