الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
431 - " إذا استلج أحدكم في اليمين؛ فإنه آثم له عند الله من الكفارة التي أمر بها " ؛ (هـ)؛ عن أبي هريرة ؛ (صح).

التالي السابق


(إذا استلج) ؛ بتشديد الجيم؛ " استفعال" ؛ من " اللجاج" ؛ وهو التمادي في الأمر؛ ولو بعد تبين الخطإ؛ وأصله الإصرار على الشيء مطلقا؛ (أحدكم في اليمين) ؛ أي: في الشيء المحلوف فيه؛ سمي " يمينا" ؛ لتلبسه بها؛ (فإنه آثم له) ؛ بالمد؛ (عند الله من الكفارة التي أمر بها) ؛ قال الزمخشري : معناه: إذا حلف على الشيء؛ فرأى غيره خيرا منه؛ ثم لج في إبرارها؛ وترك الحنث والكفارة؛ كان ذلك آثم له من أن يحنث ويكفره؛ انتهى؛ وقال القاضي: المراد: إذا حلف على شيء يتعلق بأهله؛ وأصر عليه؛ كان أدخل في الوزر؛ وأفضى إلى الإثم من الحنث؛ لأنه جعل الله لذلك عرضة الامتناع عن البر؛ ومواساة الأهل؛ والإصرار على اللجاج؛ وقد نهي عن ذلك بقوله (تعالى): ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ؛ الآية؛ قال: و" آثم" ؛ اسم تفضيل؛ أصله أن يطلق للجاج الإثم؛ فأطلقه للجاج الموجب للإثم؛ اتساعا؛ والمراد به أنه يوجب ثم كبير إثم مطلقا؛ لأنه بالإضافة إلى ما نسب إليه من أمر مندوب؛ لا إثم فيه؛ وقيل: معناه أنه إن كان يتحرج من الحنث والتأثم فيه؛ ويرى ذلك؛ فاللجاج آثم في زعمه وحسبانه؛ إلى هنا كلام القاضي - رحمه الله (تعالى) -؛ وقال النووي : معناه: إذا حلف يمينا تتعلق بأهله؛ وتضرر بعدم حنثه؛ فالحنث ليس إثما؛ فيحنث ويكفر؛ فإن تورع عن الحنث فهو مخطئ؛ فإدامة الضرر أكثر إثما من الحنث؛ أي: في غير محرم؛ فقوله: " آثم" ؛ خرج عن المفاعلة المقتضية للاشتراك في الإثم عليه باللجاج أكثر؛ لو ثبت الإثم؛ فهذا خلاصة ما للأئمة الأعلام في هذا المقام؛ فلا يلتفت إلى ما وراءه من الأوهام.

(هـ عن أبي هريرة ) ؛ رمز المؤلف لحسنه؛ ورواه عنه الحاكم ؛ وقال: على شرطهما؛ وأقره الذهبي ؛ ولعل المؤلف لم يستحضره؛ حيث عدل في الأصل لرواية إرساله؛ فعزاه للبيهقي؛ عن عكرمة ؛ مرسلا.



الخدمات العلمية