الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
96 - " اتجروا في أموال اليتامى؛ لا تأكلها الزكاة " ؛ (طس)؛ عن أنس ؛ (صح).

التالي السابق


(اتجروا) ؛ بكسر الهمزة؛ والجيم؛ أمر من " التجارة" ؛ وهي تقليب المال للربح؛ قال الزمخشري : " التجارة" : صناعة التاجر؛ وهو الذي يبيع ويشتري للربح؛ (في أموال اليتامى) ؛ قال الطيبي: أصله: " اتجروا بها" ؛ نحو: " كتبت بالقلم" ؛ لأنه عدة للتجارة؛ ومستقرها؛ كقوله (تعالى): وأصلح لي في ذريتي ؛ أي: أوقع لي الصلاح فيهم؛ وفائدة جعل المال مقرا للتجارة: ألا ينفق من أصله؛ بل يخرج الصدقة من الربح؛ وإليه ينظر قوله (تعالى): ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ؛ إلى قوله: وارزقوهم فيها ؛ (لا تأكلها) ؛ أي: لئلا تأكلها؛ (الزكاة) ؛ أي: تفنيها؛ لأن الأكل سبب للفناء؛ أو استعارة؛ حيث جعل الصدقة مشابهة للطاعم؛ [ ص: 108 ] ونسب إليها ما هو من لوازم المشبه به؛ وهو الأكل؛ مبالغة في كمال الإفناء؛ قال الزمخشري : من المجاز: " أكلت النار الحطب" ؛ و" ائتكلت النار" ؛ اشتد التهابها؛ كأنما يأكل بعضها بعضا؛ وأخذ بقضية هذا الحديث المؤكد - لعموم الأخبار الصحيحة الصريحة في إيجاب الزكاة مطلقا؛ بقول خمسة من الصحابة - الشافعي ؛ كمالك؛ وأحمد ؛ فأوجبوها في مالهم؛ وخالف أبو حنيفة ؛ والقياس على فطرة بدنه الموافق عليها؛ حجة عليه؛ وأما فرق بعض أصحابه بأن الفطرة فيها معنى المؤنة ففيه تعسف؛ وفيه أن على الولي استنماء المال المولى عليه قدر الزكاة والنفقة والمؤن؛ إن أمكنه؛ لا المبالغة فيه.

(طس؛ عن أنس ) ؛ ابن مالك ؛ قال الهيتمي: أخبرني شيخي - يعني الزين العراقي - أن سنده صحيح؛ انتهى؛ وإليه أشار في الأصل بقوله: وصحح؛ وأما هنا فرمز لحسنه؛ وهو فيه متابع للحافظ ابن حجر؛ فإنه انتصر لمن اقتصر على تحسينه فقط؛ وقال: إن الصحيح خبر البيهقي عن ابن المسيب ؛ عن عمر ؛ موقوفا؛ مثله؛ وقال - أعني البيهقي -: سنده صحيح.



الخدمات العلمية