الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        6872 - وقد روي في ذلك معنى آخر ، وهو ما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا حجاج قال : ثنا حماد ، عن ليث ، عن مجاهد قال : كان يكره الشرب من ثلمة القدح ، وعروة الكوز ، وقال : هما مقعدا الشيطان .

                                                        فلم يكن هذا النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق التحريم ، بل كان على طريق الإشفاق منه على أمته والرأفة بهم ، والنظر لهم .

                                                        وقد قال قوم : إنما نهى عن ذلك ؛ لأنه الموضع الذي يقصده الهوام ، فنهى عن ذلك خوف أذاها .

                                                        فكذلك ما ذكرنا عنه في صدر هذا الباب ، من نهيه عن الشرب قائما ، ليس على التحريم الذي يكون فاعله عاصيا ، ولكن للمعنى الذي ذكرناه في ذلك .

                                                        وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تقدم ، من هذا الباب ، أنه أتى بيت أم سليم ، فشرب من قربة وهو قائم من فيها .

                                                        فدل ذلك على أن نهيه الذي روي عنه في ذلك ليس على النهي الذي يجب على منتهكه أن يكون عاصيا .

                                                        ولكنه على النهي من أجل الخوف ، فإذا ذهب الخوف ، ارتفع النهي ، فهذا عندنا معنى هذه الآثار ، والله أعلم .

                                                        وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا ، أنه نهى عن اختناث الأسقية ، وهو : أن يكسر ، فيشرب من أفواهها .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية