الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن أوصى عند موته فأنفذت وصيته ثم ثبت أنه عبد، وفيمن شهد عليه بالموت فتزوجت زوجته وقسمت تركته ثم ثبت أنه حي

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن أوصى عند موته أن يحج عنه فبيع ماله وأنفذت وصيته ثم ثبت أنه عبد، قال: إن كان الميت حرا عند الناس فلا ضمان على الوصي ولا على الذي حج وما بيع من ماله وكان قائما أخذه بعد دفع الثمن .

                                                                                                                                                                                        قال : وقال مالك في رجل شهدت بينة بموته فتزوجت زوجته وبيعت تركته ثم أتى الرجل المشهود عليه، قال: ترد إليه زوجته وسواء تعمدت البينة الزور أو شبه عليها .

                                                                                                                                                                                        وأما ما بيع من ماله، فإن تعمدت الزور أخذه بغير ثمن، وسواء كان قائما أو فائتا تغير في نفسه ، أو كان عبدا فأعتق أو دبر أو كوتب، أو أمة اتخذها المشتري أم ولد أو صغيرا فكبر.

                                                                                                                                                                                        وإن شبه عليها كان للمستحق أن يرجع فيما كان قائما بعد أن يدفع الثمن، وإن فات شيء مما تقدم ذكره لم يكن له أن يأخذه ويتبع بالثمن الذي باعه، وإن [ ص: 5870 ] حضروا معركة فصرع فنظروا إليه في القتلى أو طعن فظنوا أنه مات فخرجوا على ذلك وأشهدهم قوم على موته فشهدوا بذلك عند القاضي فهؤلاء يعلم أنهم لم يتعمدوا زورا، قال: وأما الزور فإذا لم يأتوا بأمر يشبه وعرف كذبهم .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: محملهم إذا أتى المشهود عليه على الكذب حتى يثبت الشبهة.

                                                                                                                                                                                        وقال إسماعيل القاضي: إذا كانت الشهادة عند القاضي فذلك سواء شهدوا بزور أو شبه عليهم.

                                                                                                                                                                                        قال: وأحسب أن مالكا إنما فرق إذا كانت الشهادة عند الورثة وفي المدونة خلاف ما تأوله إسماعيل عن مالك؛ لأنه قال: أو أشهدوهم فشهدوا عند القاضي والأصل في هذين السؤالين إذا استحق الميت أنه عبد أو شهد بموت الآخر ثم أتى مفترق؛ لأن الذي ثبت أنه عبد لم يتقدم على سيده حكم وإنما حكم بوصية آخر وهو العبد، والأصل إذا كان الحكم على رجل ثم تبين أن ذلك الحكم على الآخر أن يكون الثاني على حقه ولا يفيت ماله بيع ولا عتق ولا غيره، وله أن يأخذه بغير ثمن، وسواء كان الأول بتعد أو بوجه شبهة فلو غصب لرجل عبد فباعه الغاصب من رجل وهو لا يعلم فأعتقه المشتري أو باعه وتداولته الأملاك أو باعه عليه حاكم في دين أو مات فورث عنه كان لمستحقه أن يرد جميع ذلك ويأخذه بغير ثمن.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية