الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ولو شهد كل واحد من الشريكين على صاحبه بالعتق سعى العبد لكل واحد منهما في نصيبه موسرين كانا أو معسرين عند أبي حنيفة رحمه الله ) وكذا إذا كان أحدهما موسرا ، والآخر معسرا ; لأن كل واحد منهما يزعم [ ص: 21 ] أن صاحبه أعتق نصيبه ، فصار مكاتبا في زعمه عنده ، وحرم عليه الاسترقاق فيصدق في حق نفسه فيمنع من استرقاقه ويستسعيه ; لأنا تيقنا بحق الاستسعاء كاذبا كان أو صادقا ; لأنه مكاتبه أو مملوكه ، فلهذا يستسعيانه ، ولا يختلف ذلك باليسار والإعسار ; لأن حقه في الحالين في أحد شيئين لأن يسار المعتق لا يمنع السعاية عنده ، وقد تعذر التضمين لإنكار الشريك فتعين الآخر ، وهو السعاية والولاء لهما ; لأن كلا منهما يقول عتق نصيب صاحبي عليه بإعتاقه ، وولاؤه له وعتق نصيبي بالسعاية وولاؤه لي .

                                                                                                        ( وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما اللهإن كانا موسرين فلا سعاية عليه ) لأن كل واحد منهما يتبرأ عن سعايته بدعوى العتاق على صاحبه ، لأن يسار المعتق يمنع السعاية عندهما إلا أن الدعوى لم تثبت لإنكار الآخر ، والبراءة عن السعاية قد ثبتت لإقراره على نفسه ( وإن كانا معسرين سعى لهما ) لأن كل واحد منهما يدعي السعاية عليه صادقا كان أو كاذبا على ما بيناه ، إذ المعتق معسر ( وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسرا سعى للموسر منهما ) لأنه لا يدعي الضمان على صاحبه لإعساره ، وإنما يدعي عليه السعاية فلا يتبرأ عنه ( ولا يسعى للمعسر منهما ) لأنه يدعي الضمان [ ص: 22 ] على صاحبه ليساره فيكون مبرئا للعبد عن السعاية ، والولاء موقوف في جميع ذلك عندهما ; لأن كل واحد منهما يحيله على صاحبه ، وهو يتبرأ عنه فيبقى موقوفا إلى أن يتفقا على إعتاق أحدهما .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية