الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بسس ]

                                                          بسس : بس السويق والدقيق وغيرهما يبسه بسا : خلطه بسمن أو زيت ، وهي البسيسة . قال اللحياني : هي التي تلت بسمن أو زيت ولا تبل . والبس : اتخاذ البسيسة وهو أن يلت السويق أو الدقيق أو الأقط المطحون بالسمن أو بالزيت ثم يؤكل ولا يطبخ . وقال يعقوب : هو أشد من اللت بللا ; قال الراجز :


                                                          لا تخبزا خبزا وبسا وبسا ولا تطيلا بمناخ حبسا .



                                                          وذكر أبو عبيدة أنه لص من غطفان أراد أن يخبز فخاف أن يعجل عن ذلك فأكله عجينا ولم يجعل البس من السوق اللين . ابن سيده : والبسيسة الشعير يخلط بالنوى للإبل . والبسيسة : خبز يجفف ويدق ويشرب كما يشرب السويق . قال ابن دريد : وأحسبه الذي يسمى الفتوت . وفي التنزيل العزيز : وبست الجبال بسا ; قال الفراء : صارت كالدقيق ، وكذلك قوله - عز وجل - : وسيرت الجبال فكانت سرابا . وبست : فتت فصارت أرضا ، وقيل : نسفت كما قال - تعالى - : ينسفها ربي نسفا ; ، وقيل : سيقت كما قال - تعالى - : وسيرت الجبال فكانت سرابا . وقال الزجاج : بست لتت وخلطت . وبس الشيء إذا فتته . وفي حديث المتعة : ومعي بردة قد بس منها أي نيل منها وبليت . وفي حديث مجاهد : من أسماء مكة الباسة ; سميت بها لأنها تحطم من أخطأ فيها . والبس : الحطم ، ويروى بالنون من النس الطرد . الأصمعي : البسيسة كل شيء خلطته بغيره مثل السويق بالأقط ثم تبله بالرب أو مثل الشعير بالنوى للإبل . يقال : بسسته أبسه بسا . وقال ثعلب : معنى وبست الجبال بسا ، خلطت بالتراب . وقال اللحياني : قال بعضهم : فتت ، وقال بعضهم : سويت ، وقال أبو [ ص: 85 ] عبيدة : صارت ترابا تربا . وجاء بالأمر من حسه وبسه وحسه وبسه أي من حيث كان ولم يكن . ويقال : جيء به من حسك وبسك أي ائت به على كل حال من حيث شئت . قال أبو عمرو : يقال جاء به من حسه وبسه أي من جهده . ولأطلبنه من حسي وبسي أي من جهدي ; وينشد :


                                                          تركت بيتي ، من الأش     ياء ، قفرا ، مثل أمس
                                                          كل شيء كنت قد جم     عت من حسي وبسي .



                                                          وبس في ماله بسة ووزم وزمة : أذهب منه شيئا ; عن اللحياني . وبس بس : ضرب من زجر الإبل ، وقد أبس بها . وبس بس وبس بس : من زجر الدابة بس بها يبس وأبس ، وقال اللحياني : أبس بالناقة دعاها للحلب ، وقيل : معناه دعا ولدها لتدر على حالبها . وقال ابن دريد : بس بالناقة وأبس بها دعاها للحلب . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يخرج قوم من المدينة إلى الشام واليمن والعراق يبسون ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون " ; قال أبو عبيد : قوله يبسون هو أن يقال في زجر الدابة إذا سقت حمارا أو غيره : بس بس وبس بس ، بفتح الباء وكسرها ، وأكثر ما يقال بالفتح ، وهو صوت الزجر للسوق ، وهو كلام أهل اليمن ، وفيه لغتان : بسستها وأبسستها إذا سقتها وزجرتها وقلت لها : بس بس فيقال على هذا يبسون ويبسون . وأبس بالغنم إذا أشلاها إلى الماء . وأبسست بالغنم إبساسا . وقال أبو زيد : أبسست بالمعز إذا أشليتها إلى الماء . وأبس بالإبل عند الحلب إذا دعا الفصيل إلى أمه ، وأبس بأمه له . التهذيب : وأبسست بالإبل عند الحلب ، وهو صويت الراعي تسكن به الناقة عند الحلب . وناقة بسوس : تدر عند الإبساس ، وبسبس بالناقة كذلك ; وقال الراعي :


                                                          لعاشرة وهو قد خافها     فظل يبسبس أو ينقر .



                                                          لعاشرة : بعدما سارت عشر ليال . يبسبس أي يبس بها يسكنها لتدر . والإبساس بالشفتين دون اللسان ، والنقر باللسان دون الشفتين ، والجمل لا يبس إذا استصعب ولكن يشلى باسمه واسم أمه فيسكن ، وقيل : الإبساس أن يمسح ضرع الناقة يسكنها لتدر ، وكذلك تبس الريح بالسحابة . والبسس : الرعاة . والبسس : النوق الإنسية . والبسس : الأسوقة الملتوتة . والإبساس عند الحلب : أن يقال للناقة بس بس . أبو عبيد : بسست الإبل وأبسست لغتان ، إذا زجرتها وقلت : بس بس والعرب تقول في أمثالهم : لا أفعله ما أبس عبد بناقته ، قال اللحياني : وهو طوافه حولها ليحلبها . أبو سعيد : يبسون أي يسيحون في الأرض . وانبس الرجل إذا ذهب . وبسهم عنك أي اطردهم . وبسست المال في البلاد فانبس إذا أرسلته فتفرق فيها مثل بثثته فانبث . وقال الكسائي : أبسست بالنعجة إذا دعوتها للحلب ; وقال الأصمعي : لم أسمع الإبساس إلا في الإبل ، وقال ابن دريد : بسست الغنم قلت لها : بس بس . والبسوس : الناقة التي لا تدر إلا بالإبساس ، وهو أن يقال لها بس بس ، بالضم والتشديد ، وهو الصويت الذي تسكن به الناقة عند الحلب ، وقد يقال ذلك لغير الإبل . والبسوس : اسم امرأة ، وهي خالة جساس بن مرة الشيباني كانت لها ناقة يقال لها سراب ، فرآها كليب وائل في حماه وقد كسرت بيض طير كان قد أجاره فرمى ضرعها بسهم ، فوثب جساس على كليب فقتله ، فهاجت حرب بكر وتغلب ابني وائل بسببها أربعين سنة حتى ضربت بها العرب المثل في الشؤم ، وبها سميت حرب البسوس ، وقيل : إن الناقة عقرها جساس بن مرة . ومن أمثال العرب السائرة " غيره : وفي الحديث " : هو أشأم من البسوس ، وهي ناقة كانت تدر على المبس بها ; ولذلك سميت بسوسا ، أصابها رجل من العرب بسهم في ضرعها فقتلها . وفي البسوس قول آخر روي عن ابن عباس ، قال الأزهري : وهذه أشبه بالحق ، وروى بسنده عن ابن عباس في قوله - تعالى - : واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ; قال : هو رجل أعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيها ، وكان له امرأة يقال لها البسوس ، وكان له منها ولد ، وكانت له محبة ، فقالت : اجعل لي منها دعوة واحدة ، قال : فلك واحدة فماذا تأمرين ؟ قالت : ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل ، فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه وأرادت شيئا آخر ، فدعا الله عليها أن يجعلها كلبة نباحة فذهبت فيها دعوتان ، وجاء بنوها فقالوا : ليس لنا على هذا قرار ، قد صارت أمنا كلبة تعيرنا بها الناس فادع الله أن يعيدها إلى الحال التي كانت عليها ، فدعا الله فعادت كما كانت فذهبت الدعوات الثلاث في البسوس ، وبها يضرب المثل في الشؤم . وبس : زجر للحافر . وبس : بمعنى حسب ، فارسية . وقد بسبس به وأبس به وأس به إلى الطعام : دعاه . وبس الإبل بسا : ساقها ; قال :


                                                          لا تخبزا خبرا وبسا بسا .



                                                          وقال ابن دريد : معناه : لا تبطئا في الخبز وبسا الدقيق بالماء فكلاه . وفي ترجمة خبز : الخبز السوق الشديد بالضرب . والبس : السير الرقيق : بسست أبس بسا وبسست الإبل أبسها ، بالضم ، بسا إذا سقتها سوقا لطيفا . والبس : السوق اللين ، وقيل : البس أن تبل الدقيق ثم تأكله ، والخبز أن تخبز المليل . والبسيسة عندهم : الدقيق والسويق يلت ويتخذ زادا . ابن السكيت : بسست السويق والدقيق أبسه بسا إذا بللته بشيء من الماء ، وهو أشد من اللت . وبس الرجل يبسه : طرده ونحاه . وانبس : تنحى . وبس عقاربه : أرسل نمائمه وأذاه . وانبست الحية : انسابت على وجه الأرض ; قال :


                                                          وانبس حيات الكثيب الأهيل .



                                                          وانبس في الأرض : ذهب ; عن اللحياني وحده حكاه في باب انبست الحيات انبساسا ، قال : والمعروف عند أبي عبيد وغيره اربس . وفي حديث الحجاج : قال للنعمان بن زرعة : أمن أهل الرس والبس أنت ؟ البس : الدس . يقال : بس فلان لفلان من يتخبر له خبره ويأتيه [ ص: 86 ] به أي دسه إليه . والبسبسة : السعاية بين الناس . والبسبس : شجر . والبسبس : لغة في السبسب وزعم يعقوب أنه من المقلوب . والبسابس : الكذب . والبسبس : القفر . والترهات البسابس هي الباطل ، وربما قالوا : ترهات البسابس ، بالإضافة . وفي حديث قس : فبينا أنا أجول بسبسها ; البسبس : البر المقفر الواسع ، ويروى سبسبها ، وهو بمعناه . وبسبس بوله : كسبسبه . والبسباس : بقلة ، قال أبو حنيفة : البسباس من النبات الطيب الريح ، وزعم بعض الرواة أنه النانخاه ، وأما أبو زياد فقال : البسباس طيب الريح يشبه طعمه طعم الجزر ، واحدته بسباسة . الليث : البسباسة بقلة ; قال الأزهري : هي معروفة عند العرب ; قال : والبسبس شجر تتخذ منه الرحال . قال الأزهري : الذي قاله الليث في البسبس أنه شجر لا أعرفه ، قال : وأراه أراد السبسب . وبسباسة : اسم امرأة ، والبسوس كذلك . وبس : موضع عند حنين ; قال عباس بن مرداس السلمي :


                                                          ركضت الخيل فيها بين بس     إلى الأوراد ، تنحط بالنهاب .



                                                          قال : وأرى عاهان بن كعب إياه عنى بقوله :


                                                          بنيك وهجمة كأشاء بس     غلاظ منابت القصرات كوم .



                                                          يقول : عليك بنيك أو انظر بنيك ، ورفع هجمة على تقدير : وهذه هجمة كالأشاء ففيها ما يشغلك عن النعيم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية