الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ تأم ]

                                                          تأم : التوأم من جميع الحيوان : المولود مع غيره في بطن من الاثنين إلى ما زاد ، ذكرا كان أو أنثى ، أو ذكرا مع أنثى ، وقد يستعار في جميع المزدوجات وأصله ذلك ، فأما قوله :


                                                          تحسبه مما به نضو سقم أو توأما أزرى به ذاك التوم .



                                                          قال ابن سيده : إنما أراد ذاك التوأم ، فخفف الهمزة بأن حذفها وألقى حركتها على الساكن الذي قبلها كما حكاه سيبويه في الهمزة المتحركة الساكن ما قبلها ، ولا يكون التوم هنا من " ت و م " لأن معنى التوأم الذي هو من " ت أ م " قائم فيه وكأن هذا إنما يكون على الحذف كأنه قال : وجود ذلك التوأم . والجمع توائم وتؤام ، قال الراجز :


                                                          قالت لنا ودمعها تؤام     كالدر إذ أسلمه النظام :
                                                          على الذين ارتحلوا السلام .



                                                          وقال أبو دواد :


                                                          نخلات من نخل نيسان أينع     ن جميعا ، ونبتهن تؤام .



                                                          قال الأزهري : ومثل تؤام غنم رباب وإبل ظؤار ، وهو من الجمع العزيز ، وله نظائر قد أثبتت في غير موضع من هذا الكتاب . قال ابن سيده : ويقال : توأم للذكر ، وتؤأمة للأنثى ، فإذا جمعوهما قالوا هما توأمان وهما توأم ، قال حميد بن ثور :


                                                          فجاءوا بشوشاة مزاق ترى بها     ندوبا ، من الأنساع فذا وتوأما .



                                                          وقد أتأمت المرأة إذا ولدت اثنين في بطن واحد ، وقال ابن سيده : أتأمت المرأة وكل حامل وهي متئم ، فإذا كان ذلك لها عادة فهي متآم . وتاءم أخاه : ولد معه ، وهو تئمه وتؤمه وتئيمه ، عن أبي زيد في المصادر ، والولدان توأمان . الأزهري في ترجمة وأم : ابن السكيت وغيره يقال : هما توأمان وهذا توأم هذا ، على فوعل ، وهذه توأمة هذه ، والجمع توائم مثل قشعم وقشاعم ، وتؤام على ما فسر في عراق ، قال حدير عبد بني قميئة من بني قيس بن ثعلبة :


                                                          قالت لنا ودمعها تؤام

                                                          .

                                                          قال : ولا يمتنع هذا من الواو والنون في الآدميين كما أن مؤنثه يجمع بالتاء ، قال الكميت :


                                                          فلا تفخر فإن بني نزار     لعلات ، وليسوا توأمينا .



                                                          قال ابن بري : وشاهد توأم قول الأسلع بن قصاف الطهوي :


                                                          فداء لقومي كل معشر جارم     طريد ومخذول بما جر ، مسلم
                                                          هم ألجموا الخصم الذي يستقيدني     وهم فصموا حجلي وهم حقنوا دمي
                                                          بأيد يفرجن المضيق ، وألسن     سلاط ، وجمع ذي زهاء عرمرم
                                                          إذا شئت لم تعدم لدى الباب منهم     جميل المحيا ، واضحا غير توأم .



                                                          قال : وشاهد توأمة قول الأخطل بن ربيعة :


                                                          وليلة ذي نصب بتها     على ظهر توءمة ناحله
                                                          وبيني ، إلى أن رأيت الصباح     ومن بينها الرحل والراحله .



                                                          قال : وشاهد توائم في الجمع قول المرقش :

                                                          يحلين ياقوتا وشذرا وصيعة ، [ ص: 209 ]

                                                          وجزعا ظفاريا ودرا توائما .



                                                          قال ابن بري : وذهب بعض أهل اللغة إلى أن توأم فوعل من الوئام ، وهو الموافقة والمشاكلة ، فقال : هو يوائمني أي : يوافقني ، فالتوأم على هذا أصله ووأم ، وهو الذي واءم غيره أي : وافقه ، فقلبت الواو الأولى ياء ، وكل واحد منهما توأم للآخر أي : موافقه . وقال الليث : التوأم ولدان معا ، ولا يقال : هما توأمان ، ولكن يقال : هذا توأم هذه وهذه توأمته ، فإذا جمعا فهما توأم ، قال أبو منصور : أخطأ الليث فيما قال ، والقول ما قال ابن السكيت ، وهو قول الفراء والنحويين الذين يوثق بعلمهم ، قالوا : يقال للواحد توأم وهما توأمان إذا ولدا في بطن واحد ، قال عنترة :


                                                          بطل كأن ثيابه في سرحة     يحذى نعال السبت ليس بتوأم .



                                                          قال الأزهري : وقد ذكرت هذا الحرف في باب التاء وأعدت ذكره في باب الواو لأعرفك أن التاء مبدلة من الواو ، فالتوأم ووأم في الأصل ، وكذلك التولج في الأصل وولج ، وهو الكناس ، وأصل ذلك من الوئام ، وهو الوفاق . ويقال : فلان يغني غناء متوائما وافق بعضه بعضا ولم تختلف ألحانه ، قال ابن أحمر :


                                                          أرى ناقتي حنت بليل وساقها     غناء ، كنوح الأعجم المتوائم .



                                                          وفي حديث عمير بن أفصى : متئم أو مفرد ، المتئم : التي تضع اثنين في بطن ، والمفرد : التي تلد واحدا . وتوائم النجوم : ما تشابك منها ، وكذلك توائم اللؤلؤ . وتاءم الثوب : نسجه على خيطين . وثوب متآم إذا كان سداه ولحمته طاقين طاقين . وقد تاءمت متاءمة ، على مفاعلة إذا نسجته على خيطين خيطين . وأتأمها أي : أفضاها ، قال عروة بن الورد :


                                                          أخذت وراءنا بذناب عيش     إذا ما الشمس قامت لا تزول
                                                          وكنت كليلة الشيباء همت     بمنع الشكر أتأمها القبيل .



                                                          وفرس متائم : تأتي بجري بعد جري ، قال :


                                                          عافي الرقاق منهب موائم     وفي الدهاس مضبر متائم
                                                          ترفض عن أرساغه الجرائم .



                                                          وكل هذا من التوأم ، والتوأم : من منازل الجوزاء ، وهما توأمان ، والتوأم : السهم من سهام الميسر ، قيل : هو الثاني منها ، وقال اللحياني : فيه فرضان وله نصيبان إن فاز ، وعليه غرم نصيبين إن لم يفز . والتوأمات من مراكب النساء : كالمشاجر لا أظلال لها ، واحدتها توأمة ، قال أبو قلابة الهذلي يذكر الظعن :


                                                          صفا جوانح بين التوأمات ، كما     صف الوقوع حمام المشرب الحاني

                                                          .

                                                          قال : والتوأم في أكثر ما ذكرت الأصل فيه ووأم . والتوأمان : نبت مسلنطح . والتوأمان : عشبة صغيرة لها ثمرة مثل الكمون كثيرة الورق ، تنبت في القيعان مسلنطحة ، ولها زهرة صفراء ، عن أبي حنيفة . والتئمة : الشاة تكون للمرأة تحتلبها ، والإتآم ذبحها . وتؤام ، مثل تعام : مدينة من مدن عمان يقع إليها اللؤلؤ فيشترى من هنالك . والتؤامية ، مثل التعامية ، والتوآمية مثل التوعامية : اللؤلؤ . الجوهري : تؤام قصبة عمان مما يلي الساحل وينسب إليها الدر ، قال سويد :


                                                          كالتؤامية إن باشرتها     قرت العين وطاب المضطجع .



                                                          التؤامية : الدرة نسبها إلى التؤام . قال الأصمعي : التؤام موضع بالبحرين مغاص ، وقال ثعلب : ساحل عمان ، ويقال : قرية لبني سامة بن لؤي ، وقال النجيرمي : الذي عندي أن التؤامية منسوبة إلى الصدف ، والصدف كله تؤام ، كما قالوا : صدفية ، ولم نرده إلى الواحد فنقول : توءمية للضرورة . وفي ترجمة توم : في الحديث : أتعجز إحداكن أن تتخذ تومتين ؟ قال : من رواه توأمية فهما درتان للأذنين إحداهما توأمة الأخرى . وتوأم وتوأمة : اسمان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية