الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بزل ]

                                                          بزل : بزل الشيء يبزله بزلا وبزله فتبزل : شقه . وتبزل الجسد : تفطر بالدم ، وتبزل السقاء كذلك . وسقاء فيه بزل : يتبزل بالماء ، والجمع بزول . الجوهري : بزل البعير يبزل بزولا فطر نابه أي انشق ، فهو بازل ذكرا كان أو أنثى ، وذلك في السنة التاسعة . قال : وربما بزل في السنة الثامنة . ابن سيده : بزل ناب البعير يبزل بزلا وبزولا طلع ; وجمل بازل وبزول . قال ثعلب في كلام بعض الرواد : يشبع منه الجمل البزول ، وجمع البازل بزل ، وجمع البزول بزل ، والأنثى بازل وجمعها بوازل وبزول وجمعها بزل ، الأصمعي وغيره : يقال للبعير إذا استكمل السنة الثامنة ، وطعن في التاسعة ، وفطر نابه : فهو حينئذ بازل ، وكذلك الأنثى ، بغير هاء . جمل بازل وناقة بازل : وهو أقصى أسنان البعير سمي بازلا من البزل ، وهو الشق وذلك أن نابه إذا طلع يقال له : بازل ; لشقه اللحم عن منبته شقا ، وقال النابغة في السن وسماها بازلا :


                                                          مقذوفة بدخيس النحض بازلها له صريف صريف القعو بالمسد .



                                                          أراد ببازلها نابها ، وذهب سيبويه إلى أن بوازل جمع بازل صفة للمذكر ، قال : أجروه مجرى فاعلة ; لأنه يجمع بالواو والنون فلا يقوى ذلك قوة الآدميين ; قال ابن الأعرابي : ليس بعد البازل سن تسمى ، قال : والبازل أيضا اسم السن التي تطلع في وقت البزول ، والجمع بوازل ، قال القطامي :


                                                          تسمع من بوازلها صريفا     كما صاحت على الخرب الصقار .



                                                          وقد قالوا : رجل بازل ، على التشبيه بالبعير ، وربما قالوا ذلك يعنون به كماله في عقله وتجربته ; وفي حديث علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - :

                                                          بازل عامين حديث سني .

                                                          يقول : أنا مستجمع الشباب مستكمل القوة ، وذكره ابن سيده عن جهل بن هشام فقال : قال أبو جهل بن هشام :


                                                          ما تنكر الحرب العوان مني     بازل عامين حديث سني .



                                                          قال : إنما عنى بذلك كماله لا أنه مسن كالبازل ; ألا تراه قال حديث سني والحديث لا يكون بازلا ، ونحوه قول قطري بن الفجاءة :


                                                          حتى انصرفت ، وقد أصبت ، ولم أصب     جذع البصيرة قارح الأقدام .



                                                          فإذا جاوز البعير البزول قيل : بازل عام وعامين ، وكذلك ما زاد . وتبزل الشيء إذا تشقق ، قال زهير :


                                                          سعى ساعيا غيظ بن مرة بعدما     تبزل ، ما بين العشيرة بالدم .



                                                          ومنه يقال للحديدة التي تفتح مبزل الدن : بزال ومبزل ; لأنه يفتح به . وبزل الخمر وغيرها بزلا وابتزلها وتبزلها : ثقب إناءها ، واسم ذلك الموضع البزال . وبزلها بزلا : صفاها . والمبزل والمبزلة : المصفاة التي يصفى بها ; وأنشد :


                                                          تحدر من نواطب ذي ابتزال .



                                                          والبزل : تصفية الشراب ونحوه ; قال أبو منصور : لا أعرف البزل بمعنى التصفية . الجوهري : المبزل ما يصفى به الشراب . وشجة بازلة : سال دمها . وفي حديث زيد بن ثابت : قضى في البازلة بثلاثة [ ص: 81 ] أبعرة ; البازلة من الشجاج : التي تبزل اللحم أي تشقه وهي المتلاحمة . وانبزل الطلع أي انشق . وبزل الرأي والأمر : قطعه . وخطة بزلاء : تفصل بين الحق والباطل . والبزلاء : الرأي الجيد . وإنه لذو بزلاء أي رأي جيد وعقل ; قال الراعي :


                                                          من أمر ذي بدوات لا تزال له     بزلاء ، يعيا بها الجثامة اللبد .



                                                          ويروى : من امرئ ذي سماح . أبو عمرو : ما لفلان بزلاء يعيش بها أي ما له صريمة رأي ، وقد بزل رأيه يبزل بزولا . وإنه لنهاض ببزلاء أي مطيق على الشدائد ضابط لها ; وفي الصحاح : إذا كان ممن يقوم بالأمور العظام ; قال الشاعر :


                                                          إني إذا شغلت قوما فروجهم     رحب المسالك نهاض ببزلاء .



                                                          وفي حديث العباس ; قال يوم الفتح لأهل مكة : أسلموا تسلموا ; فقد استبطنتم بأشهب بازل . أي رميتم بأمر صعب شديد ، ضربه مثلا لشدة الأمر الذي نزل بهم . والبزلاء : الداهية العظيمة . وأمر ذو بزل أي ذو شدة ; قال عمرو بن شأس :


                                                          يفلقن رأس الكوكب الفخم ، بعدما     تدور رحى الملحاء في الأمر ذي البزل

                                                          .

                                                          وما عندهم بازلة أي ليس عندهم شيء من المال . ولا ترك الله عنده بازلة أي شيئا . ويقال : لم يعطهم بازلة أي لم يعطهم شيئا . وقولهم : ما بقيت لهم بازلة كما يقال : ما بقيت لهم ثاغية ولا راغية ; أي واحدة . وفي النوادر : رجل تبزيلة وتبزلة قصير . وبزل : اسم عنز ; قال عروة بن الورد :


                                                          ألما أغزرت في العس بزل     ودرعة بنتها ، نسيا فعالي .



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية