الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفرقة الرابعة المرجئة

لقبوا بذلك ; لأنهم يرجئون العمل عن النية والاعتقاد ، أي يؤخرونه ، أو لأنهم يقولون لا يضر مع الإيمان معصية ، كما لا تنفع مع الكفر طاعة ، وهم خمس فرق :

( الأولى ) : اليونسية ، قالوا : الإيمان المعرفة بالله ، والخضوع له ، والمحبة ، ولا يضر معها ترك الطاعات ، وإبليس كان عارفا بالله ، وإنما كفر باستكباره .

( الثانية ) : العبيدية أصحاب عبيد المكتب ، رأوا أن علم الله لم يزل شيئا غيره ، وأنه على صورة الإنسان .

( الثالثة ) : الغسانية أصحاب غسان الكوفي ، قالوا : الإيمان هو المعرفة بالله ورسوله ، وبما جاء من عندهما إجمالا ، وهو لا يزيد ولا ينقص . وعنوا بالإجمال جواز أن يقال : إنه - تعالى - قد فرض الحج ، ولا أدري أين الكعبة ، لعلها في غير مكة ، أو يقال بعث محمدا ، ولا أدري هو الذي بالمدينة أم لا .

( الرابعة ) : الثوبانية هم أصحاب ثوبان المرجئ ، قالوا : الإيمان هو المعرفة والإقرار بالله وبرسله ، وما لا يجوز في العقل أن يفعله ، ولو عفا عن عاص ، لعفا عن كل من هو مثله ، وكذا لو أخرج واحدا من النار ، ولم يجزموا بخروج المؤمن من النار .

( الخامسة ) : التومنية ، وهم أصحاب أبي معاذ التومني ، قالوا : الإيمان المعرفة والتصديق ، والمحبة والإخلاص والإقرار ، وترك بعضه كفر ، وليس بعضه [ ص: 90 ] إيمانا ، وكل معصية يجمع على أنها كفر ، يقال لمرتكبها فسق وعصى ، لا فاسق ولا عاص ، ومن قتل نبيا أو لطمه فقد كفر ; لأنه دليل تكذيبه . هذه هي المرجئة الخالصة ، ومنهم من جمع بين الإرجاء والقدر ، كمحمد بن شبيب ، وغيلان الدمشقي خال الأوزاعي . أول من تكلم في القدر معبد الجهني ، ثم غيلان .

( السادسة ) : النجارية ، وهم أصحاب محمد بن الحسين النجار ، وافقوا أهل السنة في خلق الأفعال ، وأن الاستطاعة مع الفعل ، والعبد مكتسب ، ووافقوا المعتزلة في نفي الصفات وحدوث الكلام ، وفرقهم ثلاث : ( البرغوثية ) ، قالوا : كلام الله إذا قرئ عرض ، وإذا كتب جسم ، ( والزعفرانية ) قالوا : كلام الله غيره ، وكل ما هو غيره مخلوق ، ومن قال كلام الله مخلوق ، فقد كفر ، ( والمستدركة ) ، استدركوا عليهم ، وقالوا : إنه مخلوق مطلقا ، لكنا وافقنا السنة والإجماع في نفيه ، وقالوا : أقوال مخالفينا كذب ، حتى قولهم لا إله إلا الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية