الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ( ويحاسب الله الخلائق ، ويخلو بعبده المؤمن ، فيقرره بذنوبه ؛ كما وصف ذلك في الكتاب والسنة ، وأما الكفار ؛ فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته ؛ فإنه لا حسنات لهم ، ولكن تعد أعمالهم ، فتحصى ، فيوقفون عليها ويقررون بها ) .

      التالي السابق


      ش قوله : ( ويحاسب الله الخلائق . . ) إلخ ؛ المراد بتلك المحاسبة تذكيرهم وإنباؤهم بما قدموه من خير وشر أحصاه الله ونسوه ؛ قال تعالى : ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون .

      وفي الحديث الصحيح : [ ص: 242 ] من نوقش الحساب عذب ، فقالت عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله ! أوليس الله يقول : فسوف يحاسب حسابا يسيرا ؟ فقال : إنما ذلك العرض ، ولكن من نوقش الحساب يهلك .

      وأما قوله : ( ويخلو بعبده المؤمن ) ؛ فقد ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الله عز وجل يدني منه عبده المؤمن ، فيضع عليه كنفه ، ويحاسبه فيما بينه وبينه ، ويقرره بذنوبه ، فيقول : ألم تفعل كذا يوم كذا ؟ ألم تفعل كذا يوم كذا ؟ حتى إذا قرره بذنوبه ، وأيقن أنه قد هلك ؛ قال له : سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم .

      وأما قوله : ( فإنه لا حسنات لهم ) ؛ يعني الكفار ؛ لقوله تعالى : وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ، وقوله : مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء .

      [ ص: 243 ] والصحيح أن أعمال الخير التي يعملها الكافر يجازى بها في الدنيا فقط ، حتى إذا جاء يوم القيامة وجد صحيفة حسناته بيضاء ، وقيل : يخفف بها عنه من عذاب غير الكفر .




      الخدمات العلمية