الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

من أساليب الإقناع في القـرآن الكريم

الدكتور / معتصم بابكر مصطفى

أولا: الاستراتيجية الدينامية النفسية

تقوم الافتراضات الأساسية في علم النفس على المؤثر والاستجابة عند الفرد، وذلك على النحو التالي:

1 - إن المؤثرات تستقبل وتكتشف بواسطة الأحاسيس من المحيط الخارجي.

2 - إن خصائص الكائنات العضوية تشكل نوع الاستجابة التي ستحدث، وأخيرا سوف يتيح ذلك ظهور بعض أشكال السلوك.

وبما أننا لا نهتم بالمخلوق البشري وحده، فإنه يمكن تحديد العوامل المؤثرة في الآتي [1] :

أ - مجموعة من خصائص بيولوجية بشرية أو صفات موروثة.

ب - مجموعة أخرى من عوامل قد تكون قائمة أساسا على البيولوجيا جزئيا والتعليم جزئيا؛ مثل الحالات والظروف الانفعالية.

ج - مجموعة من عوامل مكتسبة أو جرى تعلمها؛ لتنظيم التركيب الإدراكي للفرد.

ومن هـنا ندرك أن المخلوق البشري تركيب معقد من مكونات بيولوجية وعاطفية وإدراكية، ومن بين هـذه الأنواع الثلاثة لا بد أن [ ص: 37 ] تركز الاستراتيجية الدينامية النفسية إما على عوامل عاطفية أو عوامل إدراكية؛ إذ من المستحيل تعديل عامل بيولوجي موروث؛ كالطول أو العنصر أو الجنس.

فمن الممكن استخدام وسائل الاتصال الجماهيري لإثارة حالة انفعالية كالغضب أو الخوف، والتي يمكن أن تكون مهمة عندئذ في تشكيل الاستجابة.

وتحاول هـذه الاستراتيجية ربط الإثارة الانفعالية بأشكال معينة من السلوك، وفي حين أن العواطف تمثل أسـاسا واضحا لهذه الاستراتيجية إلا أن استخدامها يتم في عدد محدود من المواقف، خاصة تلك التي على صلة بالجوانب الإنسانية.

أما العوامل الإدراكية فهي مؤثرات على السلوك الإنساني، ومن ثم فإنه إذا كان من الممكن تغيير العوامل الإدراكية فسوف يتسنى عندئذ تغيير السلوك بكل تأكيد [2] .

ومن هـنا يمكن القول: إن جوهر الاستراتيجية الدينامية النفسية هـو استخدام رسالة إعلامية فعالة، لها القدرة على تغيير الوظائف النفسية للأفراد حتى يستجيبوا لهدف القائم بالاتصال؛ أي أن مفتاح الإقناع يكمن في تعلم جديد من خلال معلومات يقدمها القائم [ ص: 38 ] بالاتصال؛ لكي يتغير البناء النفسي الداخلي للفرد المستهدف (الاحتياجات، المخاوف، التصرفات) ، مما يؤدي إلى السلوك العلني المرغوب فيه.

وتستخدم وسائل الإعلام العالمية هـذه الاستراتيجية بشكل فاعل من خلال أساليب التضليل الإعلامي المرتكز إلى خمس أساطير [3] هـي:

1 - أسطورة الفردية والاختيار الشخصي.

2 - أسطورة الحياد.

3 - أسطورة الطبيعة الإنسانية الثابتة.

4 - أسطورة غياب الصراع الاجتماعي.

5 - أسطورة التعددية الإعلامية.

ويمكن ملاحظة ذلك من خلال التغطية الإخبارية للأحداث والبرامج ذات الطابع الدرامي، إضافة للإعلانات، والرسم التالي يوضح هـذه الاستراتيجية:

[ ص: 39 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية