الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الوجه السابع

أن يقال: تقديم المعقول على الأدلة الشرعية ممتنع متناقض، وأما تقديم الأدلة الشرعية فهو ممكن مؤتلف، فوجب الثاني دون الأول، وذلك لأن كون الشيء معلوما بالعقل، أو غير معلوم بالعقل، ليس هو صفة لازمة لشيء من الأشياء، بل هو من الأمور النسبية الإضافية، فإن زيدا قد يعلم بعقله ما لا يعلمه بكر بعقله، وقد يعلم الإنسان في حال بعقله ما يجهله في وقت آخر.

والمسائل التي يقال إنه قد تعارض فيها العقل والشرع جميعها مما اضطرب فيه العقلاء، ولم يتفقوا فيها على أن موجب العقل كذا، بل كل من العقلاء [ ص: 145 ] يقول: إن العقل أثبت، أو أوجب، أو سوغ ما يقول الآخر: إن العقل نفاه، أو أحاله، أو منع منه، بل قد آل الأمر بينهم إلى التنازع فيما يقولون: إنه من العلوم الضرورية، فيقول هذا: نحن نعلم بالضرورة العقلية ما يقول الآخر: إنه غير معلوم بالضرورة العقلية.

كما يقول أكثر العقلاء: نحن نعلم بالضرورة العقلية امتناع رؤية مرئي من غير معاينة ومقابلة، ويقول طائفة من العقلاء: إن ذلك ممكن.

ويقول أكثر العقلاء: إنا نعلم أن حدوث حادث بلا سبب حادث ممتنع، ويقول طائفة من العقلاء: إن ذلك ممكن.

ويقول أكثر العقلاء: إن كون الموصوف عالما بلا علم، قادرا بلا قدرة، حيا بلا حياة ممتنع في ضرورة العقل، وآخرون ينازعون في ذلك.

ويقول أكثر العقلاء: إن كون الشيء الواحد أمرا نهيا خبرا ممتنع في ضرورة العقل، وآخرون ينازعون في ذلك.

ويقول أكثر العقلاء: إن كون العقل والعاقل والمعقول، والعشق والعاشق والمعشوق، والوجود والموجود، والوجوب والعناية أمرا واحدا، هو ممتنع في ضرورة العقل، وآخرون ينازعون في ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية