الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        6395 حدثنا قتيبة حدثنا أبو ضمرة أنس عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب قال اضربوه قال أبو هريرة فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه فلما انصرف قال بعض القوم أخزاك الله قال لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الثالث : حديث أبي هريرة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أبو ضمرة أنس ) يعني ابن عياض .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن يزيد بن الهاد ) هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن عبد الله بن شداد بن الهاد فنسب إلى جده الأعلى ، وهو وشيخه وشيخ شيخه مدنيون تابعيون ، ووقع في آخر الباب الذي يليه : " أنس بن عياض حدثنا ابن الهاد " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن محمد بن إبراهيم ) أي ابن الحارث بن خالد التيمي ، زاد في رواية الطحاوي من طريق نافع بن يزيد عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم أنه حدثه عن أبي سلمة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن أبي سلمة ) هو ابن عبد الرحمن بن عوف ، وصرح به في رواية الطحاوي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل قد شرب ) في الرواية التي في الباب الذي يليه : " بسكران وهذا الرجل يحتمل أن يفسر بعبد الله الذي كان يلقب حمارا المذكور في الباب الذي بعده من حديث عمر ، ويحتمل أن يفسر بابن النعيمان ، والأول أقرب لأن في قصته : " فقال رجل من القوم اللهم العنه " ونحوه في قصة المذكور في حديث أبي هريرة لكن لفظه : " قال بعض القوم أخزاك الله " ، ويحتمل أن يكون ثالثا ؛ فإن الجواب في حديثي عمر وأبي هريرة مختلف ، وأخرج النسائي بسند صحيح عن أبي سعيد أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بنشوان فأمر به فنهز بالأيدي وخفق بالنعال الحديث .

                                                                                                                                                                                                        ولعبد الرزاق بسند صحيح عن عبيد بن عمير أحد كبار التابعين : " كان الذي يشرب الخمر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وبعض إمارة عمر يضربونه بأيديهم ونعالهم ويصكونه " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال اضربوه ) هذا يفسر الرواية الآتية بلفظ : " فأمر بضربه " ولكن لم يذكر فيهما عددا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال بعض القوم ) في الرواية الآتية : " فقال رجل " وهذا الرجل هو عمر بن الخطاب إن كانت هذه القصة متحدة مع حديث عمر في قصة حمار كما سأبينه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا تقولوا هكذا ، لا تعينوا عليه الشيطان ) في الرواية الأخرى لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم ، ووجه عونهم الشيطان بذلك أن الشيطان يريد بتزيينه له المعصية أن يحصل له الخزي فإذا دعوا عليه بالخزي فكأنهم قد حصلوا مقصود الشيطان .

                                                                                                                                                                                                        ووقع عند أبي داود من طريق ابن وهب عن حيوة بن شريح ويحيى بن أيوب وابن لهيعة ثلاثتهم عن يزيد بن الهاد نحوه وزاد في آخره ولكن قولوا : اللهم اغفر له اللهم ارحمه زاد فيه أيضا بعد الضرب ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : بكتوه وهو أمر بالتبكيت وهو مواجهته بقبيح فعله ، وقد فسره في الخبر بقوله : فأقبلوا عليه يقولون له ما اتقيت الله عز وجل ، ما خشيت الله جل ثناؤه ، ما استحييت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أرسلوه .

                                                                                                                                                                                                        وفي حديث [ ص: 69 ] عبد الرحمن بن أزهر عند الشافعي بعد ذكر الضرب " ثم قال - عليه الصلاة والسلام - : بكتوه فبكتوه ، ثم أرسله " ، ويستفاد من ذلك منع الدعاء على العاصي بالإبعاد عن رحمة الله كاللعن ، وسيأتي مزيد لذلك في الباب الذي يليه إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية