الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6288 ص: وقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- أيضا: أن ذلك القول من رسول الله -عليه السلام- لم يكن على العزيمة، ولكنه كان على الترغيب منه لهم في الصدقة.

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا أبو صالح ، قال: حدثني الليث ، قال: ثنا عبيد الله ، عن أبي الأسود ، عن هشام بن عروة ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة، ، عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت في لحوم الأضاحي: "كنا نصلح منه، فيقدم به الناس إلى المدينة فقال: لا تأكلوا إلا ثلاثة أيام" ليست بالعزيمة ولكن أراد أن يطعموا منه فلم يخل نهي رسول الله -عليه السلام- عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام من أحد وجهين: إما أن يكون ذلك على التحريم أو يكون ذلك على الحض منه لهم على الصدقة والخير، فإن كان ذلك على الحض منه لهم على الصدقة لا على التحريم، فذلك دليل على أن لا بأس بادخار لحوم الأضاحي وأكلها بعد الثلاث، وإن كان ذلك كان من رسول الله -عليه السلام- على التحريم فقد كان منه بعد ذلك ما قد نسخ وأوجب التحليل، فثبت بما ذكرنا إباحة ادخار لحوم الأضاحي وأكلها في الثلاث وبعدها، وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، -رحمهم الله-.

                                                [ ص: 42 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 42 ] ش: هذا جواب آخر عن الأحاديث التي احتجت بها أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه من عدم جواز أكل لحوم الأضاحي فيما فوق الثلاث، بيانه: أن ما روي عن النبي -عليه السلام- من نهيه عن ذلك فيما فوق الثلاث لم يكن ذلك عنه -عليه السلام- على العزيمة يعني التأكيد في المنع والحظر، ولكن كان ذلك نهي شفقة وإرشاد؛ ترغيبا لهم في الصدقة، وحثا عليهم بها في مثل هذه الأيام الشريفة ليطعم الذي ضحى من لم يضح ويواسي به الغني الفقير وقد صرحت بذلك عائشة في هذا الحديث حيث قالت: فقال: "لا تأكلوا إلا ثلاثة أيام ليست بالعزيمة ولكن أراد أن يطعموا منه" فإذا كان كذلك بطل استدلال أهل المقالة الأولى بتلك الأحاديث فيما ذهبوا إليه.

                                                قوله: " فلم يخل نهي رسول الله -عليه السلام-. . ." إلى آخره ظاهر غني عن البيان.

                                                وإسناد هذا الحديث صحيح، وأبو صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث وشيخ البخاري .

                                                وعبيد الله هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم- القرشي العدوي العمري المدني روى له الجماعة.

                                                وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي المدني يتيم عروة روى له الجماعة.

                                                وعمرة هي بنت عبد الرحمن الأنصارية المدنية روى لها الجماعة.

                                                وأخرجه البخاري: نا إسماعيل بن أبي أويس حدثني أخي أبو بكر عن سليمان -هو ابن بلال- عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عمرة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "الضحية كنا نملح منها فنقدم به إلى النبي -عليه السلام- بالمدينة فقال: لا تأكلوا إلا ثلاثة أيام وليست بعزيمة ولكن أراد أن يطعم منه".

                                                ...




                                                الخدمات العلمية