الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولأجل أن الإنسان معرض للنسيان كره من كره من العلماء الرواية عن الأحياء، منهم الشافعي قال لابن عبد الحكم: "إياك والرواية عن الأحياء" والله أعلم.

[ ص: 597 ]

التالي السابق


[ ص: 597 ] 95 - قوله: (ولأجل أن الإنسان معرض للنسيان كره من كره من العلماء الرواية عن الأحياء، منهم الشافعي قال لابن عبد الحكم: "إياك والرواية عن الأحياء") انتهى.

وقد اعترض عليه بأن الشافعي إنما نهى عن الرواية عن الأحياء لاحتمال أن يتغير المروي عنه من الثقة والعدالة بطارئ يطرأ عليه، يقتضي رد حديثه المتقدم، - كما تقدم في ذكر من كذب في الحديث أنه يسقط حديثه المتقدم - ويكون ذلك الراوي قد روى عنه في تصنيف له، فيكون روايته عن غير ثقة، وإنما يؤمن ذلك بموته على ثقته وعدالته؛ فلذلك كره الشافعي الرواية عن الحي.

والجواب أن هذا حدس وظن غير موافق لما أراده الشافعي رضي الله عنه.

وقد بين الشافعي مراده بذلك كما رواه البيهقي في المدخل بإسناده إلى الشافعي أنه قال: "لا تحدث عن حي؛ فإن الحي لا يؤمن عليه النسيان" قاله لابن عبد الحكم حين روى عن الشافعي حكاية فأنكرها، ثم ذكرها.

[ ص: 598 ] وما قاله الشافعي رحمه الله سبقه إليه الشعبي ومعمر، فروى الخطيب في الكفاية بإسناده إلى الشعبي أنه قال لابن عون: "لا تحدثني عن الأحياء" وبإسناده إلى معمر أنه قال لعبد الرزاق: "إن قدرت أن لا تحدث عن رجل حي فافعل".

وقد فهم الخطيب من ذلك ما فهم المصنف، فقال في (الكفاية): "ولأجل أن النسيان غير مأمون على الإنسان فيبادر إلى جحود ما روى عنه وتكذيب الراوي له - كره من كره من العلماء التحديث عن الأحياء" ثم ذكر قول الشعبي ومعمر والشافعي رضي الله عنهم.




الخدمات العلمية