الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم

                                                                                                                                                                                                وممن حولكم يعني: حول بلدتكم وهي المدينة، منافقون : وهم جهينة، وأسلم، وأشجع، وغفار، كانوا نازلين حولها، ومن أهل المدينة : عطف على خبر المبتدأ الذي هو ممن حولكم، ويجوز أن يكون جملة معطوفة على المبتدأ والخبر إذا قدرت: ومن أهل المدينة قوم مردوا على النفاق، على أن "مردوا" صفة موصوف محذوف كقوله[من الوافر]:


                                                                                                                                                                                                أنا ابن جلا . . . . . . . . . . . . ... ........................................



                                                                                                                                                                                                وعلى الوجه الأول لا يخلو من أن يكون كلاما مبتدأ، أو صفة لـ"منافقون"، فصل بينها وبينه بمعطوف على خبره، مردوا على النفاق : تمهروا فيه، من مرن فلان عمله، ومرد عليه: إذا درب به وضرى، حتى لان عليه ومهر فيه، ودل على مرانتهم عليه ومهارتهم فيه بقوله: لا تعلمهم أي: يخفون عليك مع فطنتك، وشهامتك، وصدق [ ص: 87 ] فراستك، لفرط تنوقهم في تحامي ما يشكك في أمرهم، ثم قال: نحن نعلمهم أي: لا يعلمهم إلا الله، ولا يطلع على سرهم غيره; لأنهم يبطنون الكفر في سويداوات قلوبهم إبطانا، ويبرزون لك ظاهرا كظاهر المخلصين من المؤمنين، لا تشك معه في إيمانهم، وذلك أنهم مردوا على النفاق وضروا به، فلهم فيه اليد الطولى، سنعذبهم مرتين : قيل: هما القتل، وعذاب القبر، وقيل: الفضيحة، وعذاب القبر . وعن ابن عباس -رضي الله عنه- أنهم اختلفوا في هاتين المرتين، فقال: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطيبا يوم الجمعة فقال: "اخرج يا فلان; فإنك منافق، اخرج يا فلان، فإنك منافق" فأخرج ناسا وفضحهم; فهذا العذاب الأول، والثاني: عذاب القبر . وعن الحسن: أخذ الزكاة من أموالهم ونهك أبدانهم، إلى عذاب عظيم : إلى عذاب النار .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية