96 96 - حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو قال: تخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر سافرناه، فأدركنا وقد أرهقنا الصلاة صلاة العصر ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: " ويل للأعقاب من النار". مرتين أو ثلاثا. [انظر: 60 - مسلم: 241 - فتح: 1 \ 189]

التالي السابق

الشرح

حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى ثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلَاثًا.

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ سَافَرْنَاهُ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الصَّلَاةَ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: "وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ". مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا .

[ ص: 467 ] الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا:

أَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُهُ: "أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ". هُوَ حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ: الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِطُولِهِ.

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَيَأْتِي فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ، فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الِاسْتِئْذَانِ أَيْضًا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بِهِ، وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِهِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَسَلَفَ فِي بَابِ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعِلْمِ.

ثَانِيهَا: فِي التَّعْرِيفِ بِرَوَاتِبَ غَيْرَ مَنْ سَلَفَ التَّعْرِيفُ بِهِ:

وَقَدْ سَلَفَ التَّعْرِيفُ بِإِسْنَادِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو .

وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ، فَثُمَامَةُ -بِضَمِّ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ- أَبُو عَمْرٍو ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَاضِيهَا.

رَوَى عَنْ جَدِّهِ، وَالْبَرَاءِ . وَعَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمَثْنَى، وَمُعَمَّرٌ، وَغَيْرُهُ.

وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ : أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَأَشَارَ ابْنُ مَعِينٍ إِلَى تَضْعِيفِهِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يُحْمَدْ فِي الْقَضَاءِ.

[ ص: 468 ] وَذَكَرَ حَدِيثَ الصَّدَقَاتِ لِابْنِ مَعِينٍ فَقَالَ: لَا يَصِحُّ، يَرْوِيهِ ثُمَامَةُ عَنْ أَنَسٍ، وَهُوَ فِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " كَمَا سَيَأْتِي. وَانْفَرَدَ بِحَدِيثِ: كَانَ قَيْسٌ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ مِنَ الْأَمِيرِ، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي.

وَرَوَى حَمَّادٌ عَنْهُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى صَبِيٍّ فَقَالَ: "لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ لَنَجَا هَذَا الصَّبِيُّ" وَهَذَا مُنْكَرٌ.

وَأَمَّا الرَّاوِي عَنْهُ، فَهُوَ: أَبُو الْمُثَنَّى عَبْدُ اللَّهِ (خ، ت، ق) بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَالِدُ مُحَمَّدٍ، الْقَاضِي بِالْبَصْرَةِ .

رَوَى عَنْ عُمُومَتِهِ وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ ابْنُهُ وَغَيْرُهُ.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ : لَا أُخْرِجُ حَدِيثَهُ.

وَأَمَّا الرَّاوِي عَنْهُ فَهُوَ أَبُو سَهْلٍ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ ذَكْوَانَ الْبَصْرِيُّ التَّمِيمِيُّ الْعَنْبَرِيُّ، الْحَافِظُ الْحُجَّةُ. رَوَى عَنْ [ ص: 469 ] شُعْبَةَ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ ابْنُهُ، وَعَبَدَةُ، وَالذُّهْلِيُّ . مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَتَيْنِ.

وَأَمَّا الرَّاوِي عَنْهُ، فَهُوَ: عَبَدَةٌ (خ، الْأَرْبَعَةُ) بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَدَةَ الْخُزَاعِيُّ الصَّفَّارُ .

رَوَى عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَالْأَرْبَعَةُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَخَلْقٌ.

وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ : صَدُوقٌ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ.

فَائِدَةٌ:

سَلَفَ لَنَا أَيْضًا عَبَدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ .

وَفِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ: عَبَدَةُ ثَلَاثَةٌ أُخَرُ: ابْنُ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ، رَوَى لَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ (س) الْمَرْوَزِيُّ، رَوَى لَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ [ ص: 470 ] أَبِي لُبَابَةَ (خ، م، ت، س، ق) رَوَوْا لَهُ خَلَا أَبِي دَاوُدَ .

فَائِدَةٌ ثَانِيَةٌ:

فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ: عَبْدُ الصَّمَدِ ثَلَاثَةٌ: هَذَا أَحَدُهُمْ، وَثَانِيهُمُ: ابْنُ حَبِيبٍ الْعُوذِيُّ، أَخْرُجُ لَهُ أَبُو دَاوُدَ وَفِيهِ لِينٌ. وَثَالِثُهُمُ: ابْنُ سُلَيْمَانَ (ت) الْبَلْخِيُّ الْحَافِظُ، عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ .

[ ص: 471 ] فَائِدَةٌ ثَالِثَةٌ:

لَيْسَ فِي السِّتَّةِ ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ غَيْرُ هَذَا، وَفِيهِمْ ثُمَامَةُ سِتَّةٌ غَيْرُهُ.

ثَالِثُهَا:

كَرَّرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَلَامَ ثَلَاثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ كَمَا سَلَفَ وَيُحْفَظَ أَيْضًا، فَيُنْقَلُ عَنْهُ، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ : إِنَّمَا كَانَ كَانَ يُكَرِّرُ الْكَلَامَ وَالسَّلَامَ إِذَا خَشِيَ أَنْ لَا يُفْهَمَ عَنْهُ، أَوْ لَا يُسْمَعَ كَلَامُهُ، أَوْ أَرَادَ الْإِبْلَاغَ فِي التَّعْلِيمِ وَالزَّجْرَ فِي الْمَوْعِظَةِ.

وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ غَايَةُ مَا يَقَعُ بِهِ الْبَيَانُ، إِذْ لَمْ يَتَعَدَّهُ وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى فِي الِاسْتِئْذَانِ: "إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا" الْحَدِيثَ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ هَلْ يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ؟ فَقِيلَ: لَا، عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَقِيلَ: نَعَمْ.

حدثنا عبدة ثنا عبد الصمد ثنا عبد الله بن المثنى ثنا ثمامة بن عبد الله، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا.

حدثنا مسدد ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو قال: تخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر سافرناه، فأدركنا وقد أرهقنا الصلاة صلاة العصر ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: "ويل للأعقاب من النار". مرتين أو ثلاثا .

[ ص: 467 ] الكلام على ذلك من أوجه:

أحدها:

أما الحديث الأول وهو قوله: "ألا وقول الزور". هو حديث أبي بكرة، وسيأتي في كتاب: الأدب إن شاء الله بطوله.

وأما الحديث الثاني فيأتي في خطبة الوداع إن شاء الله تعالى.

وأما حديث أنس، فأخرجه البخاري في الاستئذان أيضا عن إسحاق بن منصور، عن عبد الصمد به، وهو من أفراده.

وأما حديث عبد الله بن عمرو فسلف في باب من رفع صوته بالعلم.

ثانيها: في التعريف برواتب غير من سلف التعريف به:

وقد سلف التعريف بإسناد حديث عبد الله بن عمرو .

وأما حديث أنس، فثمامة -بضم الثاء المثلثة- أبو عمرو ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري، قاضيها.

روى عن جده، والبراء . وعنه عبد الله بن المثنى، ومعمر، وغيره.

وثقه أحمد والنسائي، وقال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به، وأشار ابن معين إلى تضعيفه، وقيل: إنه لم يحمد في القضاء.

[ ص: 468 ] وذكر حديث الصدقات لابن معين فقال: لا يصح، يرويه ثمامة عن أنس، وهو في "صحيح البخاري " كما سيأتي. وانفرد بحديث: كان قيس بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير، وهو في البخاري أيضا كما سيأتي.

وروى حماد عنه، عن أنس، أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى على صبي فقال: "لو نجا أحد من ضمة القبر لنجا هذا الصبي" وهذا منكر.

وأما الراوي عنه، فهو: أبو المثنى عبد الله (خ، ت، ق) بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري، والد محمد، القاضي بالبصرة .

روى عن عمومته والحسن. وعنه ابنه وغيره.

قال أبو حاتم وغيره: صالح. وقال أبو داود : لا أخرج حديثه.

وأما الراوي عنه فهو أبو سهل عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان البصري التميمي العنبري، الحافظ الحجة. روى عن [ ص: 469 ] شعبة وغيره. وعنه ابنه، وعبدة، والذهلي . مات سنة سبع ومائتين.

وأما الراوي عنه، فهو: عبدة (خ، الأربعة) بن عبد الله بن عبدة الخزاعي الصفار .

روى عن عبد الصمد وغيره. وعنه البخاري والأربعة وابن خزيمة، وخلق.

وثقه النسائي، وقال أبو حاتم : صدوق. مات سنة ثمان وخمسين ومائتين.

فائدة:

سلف لنا أيضا عبدة بن سليمان .

وفي الكتب الستة: عبدة ثلاثة أخر: ابن سليمان المروزي، روى له أبو داود، وابن عبد الرحيم (س) المروزي، روى له النسائي، وابن [ ص: 470 ] أبي لبابة (خ، م، ت، س، ق) رووا له خلا أبي داود .

فائدة ثانية:

في الكتب الستة: عبد الصمد ثلاثة: هذا أحدهم، وثانيهم: ابن حبيب العوذي، أخرج له أبو داود وفيه لين. وثالثهم: ابن سليمان (ت) البلخي الحافظ، عنه الترمذي .

[ ص: 471 ] فائدة ثالثة:

ليس في الستة ثمامة بن عبد الله غير هذا، وفيهم ثمامة ستة غيره.

ثالثها:

كرر - صلى الله عليه وسلم - الكلام ثلاثا ليفهم عنه كما سلف ويحفظ أيضا، فينقل عنه، قال أبو الزناد : إنما كان كان يكرر الكلام والسلام إذا خشي أن لا يفهم عنه، أو لا يسمع كلامه، أو أراد الإبلاغ في التعليم والزجر في الموعظة.

وفي الحديث دلالة على أن الثلاث غاية ما يقع به البيان، إذ لم يتعده وقد جاء في حديث أبي موسى في الاستئذان: "إذا استأذن أحدكم ثلاثا" الحديث، واختلف فيما إذا ظن أنه لم يسمع هل يزيد على الثلاث؟ فقيل: لا، عملا بظاهر الحديث، وقيل: نعم.