الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الفرع السادس : لا يقتل بالقسامة عند من يوجب القود بها إلا واحد ، وهذا قول أكثر القائلين بالقود بها ، منهم مالك وأحمد والزهري ، وبعض أصحاب الشافعي وغيرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا القول هو الصواب ، وتدل عليه الرواية الصحيحة التي قدمناها عند مسلم وغيره :

                                                                                                                                                                                                                                      " يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته . " الحديث . فقوله صلى الله عليه وسلم في معرض بيان حكم الواقعة : " يقسم خمسون منكم على رجل منهم " يدل على أنهم ليس لهم أن يقسموا على غير واحد . وقيل : يستحق بالقسامة قتل الجماعة ; لأنها بينة موجبة للقود ، فاستوى فيها الواحد والجماعة كالبينة ، وممن قال بهذا أبو ثور ، قاله ابن قدامة في المغني .

                                                                                                                                                                                                                                      وهل تسمع الدعوى في القسامة على غير معين أو لا ؟ وهل تسمع على أكثر من واحد أو لا ؟ فقال بعض أهل العلم : تسمع على غير معين ، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله مستدلا بقصة الأنصاري المقتول بخيبر ; لأن أولياءه ادعوا على يهود خيبر . وذهبت جماعة من أهل العلم إلى أن الدعوى فيها لا تسمع إلا على معين ، قالوا : ولا دليل في قصة اليهود والأنصاري ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيها : " يقسم خمسون منكم على رجل منهم " فبين أن المدعى عليه لا بد أن يعين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض من اشترط كونها على معين : لا بد أن تكون على واحد ، وهو قول أحمد ومالك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض من يشترط كونها على معين : يجوز الحلف على جماعة معينين ، وقد قدمنا اختلافهم : هل يجوز قتل الجماعة أو لا يقتل إلا واحد ، وهو ظاهر الحديث ، وهو الحق إن شاء الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أشهب صاحب مالك : لهم أن يحلفوا على جماعة ويختاروا واحدا للقتل ، [ ص: 145 ] ويسجن الباقون عاما ، ويضربون مائة .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن حجر في الفتح : وهو قول لم يسبق إليه ، والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية