الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا

                                                                                                                                                                                                                                        ( ويوم يعض الظالم على يديه ) من فرط الحسرة ، وعض اليدين وأكل البنان وحرق الأسنان ونحوها كنايات عن الغيظ والحسرة لأنها من روادفهما ، والمراد بـ ( الظالم ) الجنس . وقيل عقبة بن أبي معيط كان يكثر مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعاه إلى ضيافته فأبى أن يأكل من طعامه حتى ينطق بالشهادتين ففعل ، وكان أبي بن خلف صديقه فعاتبه وقال صبأت فقال : لا ، ولكن آلى أن لا يأكل من طعامي وهو في بيتي فاستحيت منه [ ص: 123 ]

                                                                                                                                                                                                                                        فشهدت له ، فقال لا أرضى منك إلا أن تأتيه فتطأ قفاه وتبزق في وجهه ، فوجده ساجدا في دار الندوة ففعل ذلك ، فقال عليه الصلاة والسلام : لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف ، فأسر يوم بدر فأمر عليا فقتله وطعن أبيا بأحد في المبارزة فرجع إلى مكة ومات
                                                                                                                                                                                                                                        .

                                                                                                                                                                                                                                        ( يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ) طريقا إلى النجاة أو طريقا واحدا وهو طريق الحق ولم تتشعب بي طرق الضلالة .

                                                                                                                                                                                                                                        ( يا ويلتى ) وقرئ بالياء على الأصل . ( ليتني لم أتخذ فلانا خليلا ) يعني من أضله وفلان كناية عن الأعلام كما أن هنا كناية عن الأجناس .

                                                                                                                                                                                                                                        ( لقد أضلني عن الذكر ) عن ذكر الله أو كتابه أو موعظة الرسول ، أو كلمة الشهادة . ( بعد إذ جاءني ) وتمكنت منه . ( وكان الشيطان ) يعني الخليل المضل أو إبليس لأنه حمله على مخالته ومخالفة الرسول ، أو كل من تشيطن من جن وإنس . ( للإنسان خذولا ) يواليه حتى يؤديه إلى الهلاك ثم يتركه ولا ينفعه ، فعول من الخذلان .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية